هذا إذا لم ننكر كثرة التخصيص المدّعاة ، أمّا إذا أنكرناها فلا شبهة من هذه الناحية. (١)
سقوط القاعدة لابتلائها دائما بالمعارض
وقد سبق أن بحثنا هذا الإشكال في قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ، والمقام هنا مشابه للمقام هناك. (٢)
وخلاصة ما توصّلنا إليه من جواب : هو أنّ دليل (لا حرج) دليل حاكم على أدلّة الأحكام الأوّلية ، ولذلك قدّم عليها ، والدليل الحاكم لا تلحظ فيه النسبة بينه وبين الدليل المحكوم.
والمراد بالحكومة أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى الدليل الآخر موسّعا أو مضيّقا له.
فمن القسم الأوّل ما ورد من أنّ : «الفقّاع خميرة استصغرها الناس» (٣) ، فالفقّاع وإن لم يكن خمرا بمفهومه اللغوي ، إلّا أنّ الشارع بدليله هذا وسّع مفهوم الخمر إلى ما يشمل الفقاع ، وأعطاه جميع أحكام الخمر بحكم عموم التنزيل ، وأمثال هذا في الأدلّة كثيرة.
ومن القسم الثاني ما ورد في أدلّة نفي الحرج ، وسمة هذه الأدلّة إلى الأحكام الأوّلية سمة المضيّق لها إلى ما لا يشمل الأحكام الحرجية ، ولسان الكثير من أدلّة هذا النوع من الحكومة لسان نفي للموضوع تعبّدا ، ونفي الموضوع يستدعي نفي الحكم ؛ إذ لا حكم بلا موضوع.
__________________
١ ـ أنكر كثرة التخصيص المدّعاة الشيخ أحمد النراقي ، راجع : عوائد الأيام : ١٩٣.
٢ ـ راجع : ص ٩٠.
٣ ـ الكافي ٦ : ٤٢٣ كتاب الأشربة ، باب الفقاع ح ٩.