وكذلك نشر العلم تعليما وإفتاء وتصنيفا ، والحكم بين الناس ، وإقامة الحدود ، وكل ما يتعاطاه الحكّام والولاة ، وتحمّل الشهادة وأدائها ، بل يسري ذلك إلى سائر المباحات إذا قصد بها التقوّي على العبادة ، أو التوصّل إليها ، كالأكل والنوم واكتساب المال وغير ذلك ، وكذلك النكاح والوطء إذا قصد به إقامة السنّة ، أو الاعفاف أو تحصيل الولد الصالح ، وتكثير الأمّة. ويندرج في ذلك ما لا يحصى من المسائل. وممّا يدخل فيه من العقود ونحوها كنايات البيع ، والهبة ، والوقف ، والقرض ، والضمان ، والإبراء ، والحوالة ، والإقالة ، والوكالة ، وتفويض القضاء ، والإقرار ، والإجارة ، والوصيّة ...». (١)
وقال المقداد السيوري في «نضد القواعد» : «تعتبر النيّة في جمع العبادات إذا أمكن فعلها على وجهين ، إلّا النظر المعرّف لوجوب معرفة الله ، فإنّه عبادة ولا تعتبر فيه النيّة ؛ لعدم تحصيل المعرفة قبله ، وإلّا (٢) إرادة الطاعة ـ أعني النيّة ـ فإنّها عبادة ولا تحتاج إلى نيّة ، وإلّا تسلسل ، وما لا يمكن فيه اختلاف الوجه ، كردّ الوديعة ، وقضاء الدين ، لا يحتاج إلى نيّة ، وإن احتاج في استحقاق الثواب إلى قصد التقرّب إلى الله ، وأنّها تدخل في صيغ العقود والإيقاعات عندنا ، وهو القصد إلى ذلك اللّفظ المعيّن مريدا به غايته ، ولا فرق بين الصريح والكناية في ذلك ، ولا يكفي قصد اللّفظ مجردا عن قصد غايته ... واقتران عبادتين في نيّة واحدة جائز إذا لم يتنافيا ، فتارة تكون إحداهما منفكّة عن الأخرى ، كنيّة دفع الزكاة والخمس ، وتارة تكون مصاحبة لها ، كنيّة الصوم والاعتكاف ، أو مانعة لها ... (٣) ويمكن اجتماع نيّة عبادة في أثناء أخرى ، كنية الزكاة والصيام في أثناء الصلاة ... على ما دلّ عليه النقل (٤) من تصدّق علي عليهالسلام
__________________
١ ـ الأشباه والنظائر ١ : ٧٢ ـ ٧٣.
٢ ـ في المصدر : «لا» بدل «إلّا».
٣ ـ الصحيح : «تابعة لها» بدل «مانعة لها» كما في المصدر.
٤ ـ كنز العمال ١٣ : ١٠٨ ح ٣٦٣٥٤.