أنّ اللفظ المستقلّ بنفسه إذا لحق (١) به غير المستقلّ صيّر الأوّل غير مستقلّ كما في الاستثناء والغاية ، ولم يثبت ذلك في النيّة حتّى يجري مجرى اللفظ ، ومن ثمّ لو قال : له عشرة إلّا تسعة ، قبل ، ولو قال : تنقص تسعة أو أدّيتها ، لم يقبل ؛ لاستقلال الضميمة بنفسها ، قلت : كلّما تلفّظ به كان مخصّصا ، أو اللفظ المذكور صالح له فينبغي أن يكون بنيّة تنافي التخصّص ، إذ يصير ذلك بمثابة الملفوظ ؛ لأنّ التقدير صلاحية اللفظ له ، واستعمال العامّ في الخاصّ من هذا القبيل ، فيصير الجزء الأخير كغير المذكور في عدم تناول اللّفظ إياه ؛ ولأنّ الصفة المتعقّبة يجوز جعلها مؤكّدة ، ولا يخرج ما عداها ، ويجوز جعلها مخصّصة وذلك بالنيّة ؛ فإذا أثّرت النيّة في الصفة الملفوظة فلم لا تؤثّر في المنويّة مع اشتراكهما في الاستعارة من اللّفظ ؛ ولأنّه لو صحّ ما قاله لم يكن معنى صورة إطلاق وإرادة الخاص منه ، إلّا مع التقييد بإرادة إخراج الخاصّ الآخر ، وحاصل كلام هذا القائل راجع إلى ذلك من قبيل المفهوم ؛ فيجري الخلاف فيه كالخلاف في المفهوم ، إلّا أنّه مع ذلك لا تفترق صورة التلفّظ بالصفة والنيّة لها ، ونحن نقول : إنّما خصّص هذا بالمذكور لا لمفهوم (٢) اللفظ ، بل لأنّ قضيّة الأصل ينفي ما عدا المذكور». (٣)
وقال أيضا : «النيّة يكتفى بها في تقييد المطلق وتخصيص العامّ ، وتعيّن المعتق (٤) والمطلّقة والفريضة المنويّة ، وتعيين أحد معاني المشترك ، وصرف اللفظ من الحقيقي (٥) إلى المجاز كقوله في المطلق : والله لأصلّينّ ، وعنى به ركعتين ، أو لأكلّمنّ رجلا وعنى به زيدا ، وتخصيص العام : والله لا لبست الثياب ، وعنى به القطن أو ثيابا بعينها ، ولا تكفي النيّة عن الألفاظ التي هي أسباب ، كالعقود والإيقاعات ، فلو قال : والله
__________________
١ ـ في المصدر : «ألحق».
٢ ـ في المصدر : «بمفهوم».
٣ ـ نضد القواعد الفقهية : ٧٣ ـ ٧٤.
٤ ـ في المصدر : «المعيّن» بدل «المعتق».
٥ ـ في المصدر : «الحقيقة».