عبدالرحمن (١).
وهذه منزلةٌ عظيمة ليونس ، ونحوه عند الكشّيّ عن الحسن بن علي بن يقطين (٢).
فمن كان هذا حاله ، فهل من مُبَرِّر للتوقف فيما يرويه ، بدعوى ما يتفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس وأنّه غير صحيح؟! في حين عرفت حال محمد بن عيسى واعتباره عند الإمامين الهادي والعسكري ، وعرفت ما جاء من أخبار في يونس بن عبدالرحمن وأنّ ما عنده هو الحقِّ كلّه.
كان غرضنا من سرد هذه الأخبار التنبيه على حقيقة أنّ كثيرا من الشيعة قد لا تبلغ عقولهم مقاصد الأئمة عليهمالسلام المطوية في أحاديثهم الشريفة ، ومن هنا يسهل للبعض رمي الآخرين بالغلوّ.
وقد يمكننا مرة أخرى تبرير تشدد علماء قم بالقول : إنهم كانوا يخافون على عقول بعض الشيعة من تلك الأخبار الصحيحة التي لا تدركها عقولهم ، وعلى سبيل المثال فإنّ بعض الطعون في محمد بن سنان قد قيلت في حقه من قبل القدماء ـ لا بسبب ضعفه ـ بل لأ نّه لم يلتزم بهذه القاعدة ؛ ويروي عن المعصومين أخبارا صحيحة صعبة ادراكها من بعض الشيعة وهذا منهي عنه في الشرع حسبما تقدم.
وبالجملة : فيمكن تبرير تشدد القميين هو خوفهم على عقول بعض الشيعة ، وان هذا كان أحد أسباب تشددهم علاوة على الأسباب الأخرى التي ذكرناها والظروف القاهرة التي كانوا يعيشون فيها ، وهذا التشدد قد أفرز افراطا سلبيا في الحكم على الرواية والرواة.
__________________
(١) رجال الكشي ٢ : ٧٧٩ / الرقم ٩١٠.
(٢) رجال الكشي ٢ : ٧٨٤ / الرقم ٩٣٥ ، معجم رجال الحديث ٢١ : ٢٠٩.