من كتبه ، وهو يؤكّد بأنّ النهاية والتهذيب قد ألِّفا قبل الاستبصار.
وبمراجعةٍ لكتاب الخلاف والمبسـوط والعدّة وغيرها من كتبه نرى الشيخ ذكر « الاستبصار » فيهما ، وهذا يعلمنا بأنّ المبسوط قد ألِّف بعد الاستبصار ، ومنه نفهم بأنّ نص النّهاية هو الأوّل ثم يتلوه نصّ المبسوط الذي نفى فيه الإثم.
وهو الآخر يرشدنا إلى أنّ القول الأوّل للشـيخ في « النّهاية » كان قريبا إلى الصدوق حيث أنّهما كانا يعنيان بكلامهما الآتِينَ بالشهادة الثالثة بقصد الجزئية المسمَّين بالمفوَّضة ، ولكنّ الشيخ في « المبسوط » عنى الذين يأتون بها لمحبوبيّتها الذاتية ، ولذلك ليسوا هم بآثمين.
وفي هذين النصَّين إشارة إلى حدوث نقلة نوعية في كلامه رحمهالله ؛ لأ نّه في نصّ « النهاية » كان يتصوّر ـ كالشيخ الصدوق ـ أنّ القائلين بالشهادة بالولاية غالبهم ممن يقولون بها على نحو الجزئية ، وأنّ تهمة التفو يض المحرّم تدور مدارهم ، ولأجله خَطَّأَهُم ولم يشر إلى الرأي الآخر ، لكنّه في « المبسوط » تحقق له أنّ عمل غالب الشيعة ـ الذين يأتون بها آنذاك ـ لم يكن على نحو الجزئيّة ، بل أنّهم كانوا يأتون بها لمبحوبيّتها الذاتيّة ولرجاء المطلوبية فأشار إلى الحكم الآخر في المسألة وقال بعدم الإثم في العمل بها.
ويؤيّد ذلك ما ورد عن السيّد المرتضى بعد أن سُئل عن قول القائل : « محمد وعلي خير البشر » ، بعد : « حي على خير العمل » ، فقال :
إن قال : « محمد وعلي خير البشر » على أن ذلك من قوله خارج من لفظ الأذان جاز ، وإن لم يكن فلا شيء عليه.
اذن فالسيّد المرتضى والشيخ الطوسي رحمهما اللّه تعالى هما أوّل من فكّكا بين الأمرين : الجزئية والمحبوبيّة الذاتية ، والشيخ لا يقول باستحباب الشـهادة بالولاية في الأذان ، علاوة على عدم القول بجزئيّتها تبعا لما ورد في شواذّ الأخبار ، لأ نّه لا يأخذ بالخبر الشاذّ إلاّ إذا سلم من المعارِض ، كالعمومات ، والإجماع ،