الرسالة ... » ، وهذا هو ما نريد توضيحه ، لأنّ الاجابة الإجمالية لا تغني غير العلماء ولا تُشبِع إلاّ الفقهاء ، وهو الذي دعانا لتفصيل الكلام في هذا الإجمال ، لتعمّ الفائدة لكل القرّاء.
وكذا لوجود شبهة مفادها : أن الاستدلال بالشعار ية لإثبات الشهادة الثالثة في الأذان هو مصداق من مصاديق الرأي المذموم والظنّ الذي لا يغني من الحق شيئا ، وهو كإثبات عمر بن الخطاب لجملة « الصلاة خير من النوم » في الأذان ؛ إذ ما الفرق بين الإثباتين ، ولماذا تنكرون على عمر فعله وتعملون بعمله؟!
لكن يجاب عن هذا الإشكال والتوهّم بافتراق الأمر كليا بين الأمرين ، لانّ عمر بن الخطاب حينما أمر المؤذّن أن يضعها في الأذان (١) كان يعني بعمله التشريع في الدين وإدخاله كجزء لقوله : « اجعلها في الأذان » ، وهو الذي دعا ابن رشد أن يشكّ في كون « الصلاة خير من النوم » سنة رسول اللّه ، لقوله في بداية المجتهد : وسبب اختلافهم : هل ذلك قيل في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو إنّما قيل في زمان عمر (٢)؟
وهذا يختلف عما تأتي به الإمامية ، فإنّهم حينما يأتون بالشهادة الثالثة يؤكّدون على عدم جواز الاتيان بها على نحو الجزئيّة ، والفرق واضح بين الأمرين ، فذاك إدخال في الدين ما ليس فيه بلا دليل شرعي اتباعا للرأي (٣) ، وهذا بيان لوجه مشروعيّة جواز الإتيان بالشهادة الثالثة من منطلق القربة المطلقة والمحبوبية الذاتية وأدلّة الاقتران ، والعمومات ، والأخبار الشاذّة ، وأخيرا الشعارية مع التأكيد على عدم جزئيّتها وعدم كونها من أصل الأذان.
__________________
(١) موطأ مالك : ٧٢ / ح ١٥٤.
(٢) بداية المجتهد ١ : ٧٧ وانظر كلام الالباني في تمام المنة : ١٤٦ ـ ١٤٩ كذلك.
(٣) انظر ما كتبناه في الباب الثاني من هذه الدراسة ( الصلاة خير من النوم شرعة أم بدعة ) والذي أثبتنا فيه أنّها ليست بسنة رسول اللّه بل أنّها بدعة محدثة حسب تصريح الأعلام وخصوصا الحنفية.