وبما أنّا قد تكلّمنا بعض الشيء عما يدل على محبوبيّتها ، فالآن نريد أن نوضّحها من خلال كونها شعارا للإيمان ، وأنّ الشهادة بالولاية لعلي هي علامة للخطّ الصحيح ، والمنهج القويم ، وصراط اللّه المستقيم ، بل لا توجد حقيقة في دين الإسلام ـ من بعد الشهادتين ـ ناهضة لتكون علامة للمنهج الصحيح أجلى من الشهادة الثالثة ، وهذا ما يجب أن يعتقد به المؤمن قلبا ، وأمّا الإتيان بها لسانا في الأذان فهو ما يجب أن يبحث عن دليله.
أمّا كونها من أصل الأذان وأنّها جزء منه ، فلا دليل عليه إلاّ الأخبار الشاذّة التي حكاها الشيخ الطوسي والعلاّمة ويحيى بن سعيد الحلي ، والتي لم يعمل بها الأصحاب ، ورمي الصدوق لها بأنّها من وضع المفوّضة.
وإمّا الإتيان بها من باب القربة المطلقة والمحبوبية الذاتية وأدلّة الاقتران ، فقد مرّ البحث فيها سابقا. والآن مع أدلّة جواز الإتيان بها من باب الشعارية ، والبحث فيه يقع في مقامين :
الأول : إثبات كونها شعارا من شعائر المذهب والدين الحنيف.
والثاني : التخريج الفقهي لجواز الإتيان بها في الأذان لا بقصد الجزئية.
وإليك أمّهات الأدلّة على كون الشهادة بالولاية لعلي هي من أسمى الشعائر الإسلامية الإيمانية :
ما أخرجه الكليني قدسسره عن علي بن إبراهيم ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي الربيع القزاز ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له : لمَّ سمي أمير المؤمنين؟ قال : « اللّه سمّاه وهكذا أنزل في كتابه ( وَإِذْ أخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيء ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّ يَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) وأنّ محمدا رسولي وأنّ عليا أمير المؤمنين » (١).
__________________
(١) الكافي ١ : ٤١٢ / باب نادر / ح ٤.