والرواة ثقات إلاّ أبا ربيع القزاز فهو مجهول الحال ، لكنّ الرواية مع ذلك صحيحة عندنا من وجهين ؛ فهي أوّلاً من رواية ابن أبي عمير الذي لا يحكي إلاّ عن ثقة بالاتّفاق ، وثانيا أنّ ابن أبي عمير ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، والحاصل : لا ريب في صحّة هذه الرواية. ثمّ إنّ دلالتها واضحة على أنّ هناك غرضا عظيما لأَِنْ يُشهِدَ اللّهُ سبحانه وتعالى عمومَ بني آدم ، ومنهم الأنبياء والمرسلين والأولياء والصدّيقين والملائكة أجمعين بأ نّه ـ جلّت قدرته ـ لا إله إلاّ هو ربّ العالمين ، وأنّ محمدا رسول اللّه ، وأنّ عليا وليّ اللّه.
وقد كان هذا الإشهاد في عالم الذرّ ، وهو العالم الذي كان بعد عالم الأنوار الذي خلق فيه نور محمدٍ وعليٍ من نوره لمّا كان آدم بين الروح والجسد. وقد جاء هذا صريحا في قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : خُلِقتُ أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد قبل أن يخلق اللّه آدم ، فلما خلق اللّه آدم أَسْكَنَ ذلك النور في صلبه إلى أن افترقنا في صلب عبدالمطلب ، فجزء في صلب عبداللّه وجزء في صلب أبي طالب (١).
وعليه فنور رسول اللّه خُلِقَ قبل خَلق آدم ، ولم يولد عليهالسلام بشرا إلاّ بعد انقضاء ١٢٤ ألف نبي ، فإنّ مجيء رسول اللّه خاتما للأنبياء وعلي خاتما للأوصياء وهما الأوّلان في عالم الأنوار يرشدنا إلى عظيم مكانتهما في المنظومة الإلهيّة والسنّة الربانية.
ولا ريب في أنّ الإشهاد لا معنى له إلاّ الجزم بأنّ جملة « أشهد أنّ عليا ولي اللّه » هي الشعار للصراط الصحيح المطوي في جملة « أشهد ان لا إله إلاّ اللّه » ، والتي لا يمكن الاهتداء إليها إلاّ بواسطة « أشهد أنّ محمدا رسول اللّه » والشهادة الثانية ترشدنا إلى عظم مرتبة الإشهاد بالشهادة الثالثة.
__________________
(١) انظر فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ٢ : ٦٦٢ / ح ١١٣٠ ، الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي ٢ : ١٩١ / ح ٢٩٥٢ ، ٣ : ٢٨٣ / ح ٤٨٥١.