وهذا الترتيب بين الشهادات الثلاث في ذلك اليوم ؛ يوم الميثاق العظيم ، بمحضر الأنبياء والمرسلين والأولياء والصدّيقين والملائكة والناس أجمعين ، يدلّ دلالة واضحة على أنّ اللّه سبحانه وتعالى جعل من الشهادة الثالثة شعارا ومفتاحا وعلامة لأخذ الميثاق من المخلوقات المكلّفة.
وان ما قاله الإمام الباقر في الحديث الانف هو نحو من انحاء التفسير السياقي الذي جوّز العمل به عند الصحابة والتابعين ، والذي ذكرنا نماذج عليه فيما سبق (١).
وإذا ثبت هذا فلا يمكن الارتياب في إمكانية اتّخاذه شعارا وعلامة في الأمور الدينية الأُخرى على مستوى العقيدة وعلى مستوى التشريع بسواء بل من باب أولى.
وعدم الارتياب هذا هو الذي دعا السيّد الخوئي قدسسره للجزم بأنّ شعار الشهادة بالولاية : « راجح قطعا في الأذان وفي غيره » ، لأن الشهادة بالولاية اعتقادا من الضروريّات عندنا ، وأنّها كالصلاة والحج ـ أو قل إنّها أَهم من تلك ـ لتوقف قبول الأعمال عليها ، وهذا المعنى يغنينا عن ورود نص جديد في ذلك.
وبعبارة أُخرى : إنّ القطع الذي جزم السيّد الخوئي قدسسره من خلاله برجحان الشهادة الثالثة في الأذان وفي غيره إنّما حصل عليه من مجموعة الأخبار المعبترة بل المتواترة التي ولّدت عنده وعند باقي الأصحاب القطع بالرجحان.
ومن تلك الأدلة المعتبرة موثّقة سنان بن طريف التي تقدم الحديث عنها في الدليل الكنائي ، فقد ورد فيها ..
أنّ الإمام الصادق عليهالسلام قال : « إنّا أوّل أهل بيت نَوَّه اللّه بأسمائنا ، إنّه لما خلق السماوات والأرض أمر مناديا فنادى :
__________________
(١) انظر صفحة ١٠ ـ ١٢ و ١٩٤ ـ ١٩٦.