في الحقيقة يمكننا أن نبرّر للقميّين ما اتّخذوه من مواقف ضدّ بعض المحدّثين ، لأنّ الشيعة في الغيبة الصغرى وما بعدها كانوا يعيشون تحت هجومَين : الهجوم العسكري المتمثّل بالحكومة العباسية.
والهجوم العلمي بقسميه ، الداخلي والخارجي ، فالهجوم العلمي الداخلي هو الهجوم من داخل المجموعة الشيعية ، اعني من قبل الزيدية ، والإسماعيلية ، ومن انصار الشلمغاني ، والحلاج ، والقرامطة ، وما كانوا يطرحونه من أفكار.
والهجوم العلمي الخارجي هو الهجوم من خارج المجموعة كشبهات وافكار القدرية والمرجئة والزنادقة.
فالقميّون ولحساسية المرحلة التي كانوا يعيشون فيها أرادوا تحصين المعرفة الإسلامية الخالصة حتّى لا تكون عرضةً للتلويث ، وذلك بالضغط على المحدّثين ، ومما يمكن قوله بهذا الصدد هو : أنّ أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري قد يكون طرد البرقيَّ لا لروايته عن الضعفاء ولا لشيء آخر مما ذكر آنفا ، بل لِما كان يحيط به من أُمور سياسية والتي وضحنا بعضها سابقا ، وأنّه كان يريد غلق الأبواب التي يريدها أعداء الفكر الشيعي من مثل الشلمعاني وغيره ، حيث كان هؤلاء يريدون الطعن في الإسلام وتشو يه حقيقة التشيّع الصحيحة بواسطة الموضوعات والمكذوبات ، وقد لا نغالي إذا قلنا بأنّ الشيخ الطوسي قدسسره لو كان يعيش في قمّ تحت وطأة تلك الظروف التي رزح تحتها أحمد بن محمد بن عيسى أو الشيخ الصدوق رحمهما اللّه لما وسعه إلاّ التشدد حفظا على أحاديث المعصومين عليهمالسلام من التحريف والدّس.
وعليه ، فالرواية عن الضعفاء واعتماد المراسيل ليست طعنا في الراوي ولا في الرواية ؛ لجريان سيرة المحدثين بنقل تلك الروايات وإمكان تصحيحها بشواهد ومتابعات من روايات أُخرى ، وهذا مما لا يخفى على مثل أحمد بن محمد بن