إنّ أُطروحة كون حقيقة الأذان مناميّة وليست سماو يّة هي اُطروحة أمو ية طُرحت بعد صلح الإمام الحسن مع معاو ية للاستنقاص من الرسول ومن آله الكرام ، لأنّ أوّل نصّ وصلنا في ذلك هو لسفيان بن الليل ، إذ قال :
لمّا كان من أمر الحسن بن علي ومعاو ية ما كان ، قدمتُ عليه المدينة وهو جالس في أصحابه ... فتذاكرنا عنده الأذان ، فقال بعضنا : إنّما كان بدء الأذان برؤ يا عبداللّه بن زيد ، فقال له الحسن بن علي : إنّ شأن الأذان أعظمُ من ذلك ، أذَّن جبرائيل في السماء مثنى مثنى وعلَّمَهُ رسول اللّه ... الخبر (١).
وجاء عن الإمام الحسين أنّه سئل عن هذا الأمر كذلك ، فقال : الوحيُ يتنزّل على نبيّكم وتزعمون أنّه أخذ الأذان عن عبداللّه بن زيد؟! والأذان وَجْهُ دينكم (٢).
وجاء عن أبي العلاء قال : قلت لمحمّد بن الحنفية : إنّا لنتحدث أنّ بدء هذا الأذان كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه.
قال : ففزع لذلك محمد بن الحنفية فزعا شديدا ، وقال : عمدتم إلى ما هو الأصل في شرائع الإسلام ومعالم دينكم ، فزعمتم أنّه إنّما كان من رؤ يا رآها رجل من الأنصار في منامه ، تحتمل الصدق والكذب ، وقد تكون أضغاث أحلام؟
قال : فقلت [ له ] : هذا الحديث قد استفاض في الناس!
قال : هذا واللّه هو الباطل ، ثم قال : وإنما أخبرني أبي : أنّ جبريل ... الخبر (٣).
__________________
(١) نصب الراية ١ : ٢٦١ ، المستدرك للحاكم ٣ : ١٨٧ / ح ٤٧٩٨ ، كتاب معرفة الصحابة.
(٢) دعائم الإسلام ١ : ١٤٢ ، ورواه الاشعث الكوفي في الجعفريات (المطبوع ضمن كتاب قرب الاسناد للحميري ) : ٤٢ ، وليس فيه ( والأذان وجه دينكم ) ، وعنه في مستدرك الوسائل ٤ : ١٧ / ح ٤٠٦١.
(٣) أحكام القرآن للجصاص ٤ : ١٠٣ ، السيرة الحلبية ٢ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، أمالي أحمد بن عيسى بن زيد ١ : ٩٠ ، الاعتصام بحبل اللّه ١ : ٢٧٧ ، النص والاجتهاد : ٢٣٧.