هناك رؤيتان عند الفقهاء والرجاليين ، فالبعض منهم كالوحيد البهبهاني يعتقد بأنّ القمّيّين كانوا يرمون الآخرين بالغلوّ لنقلهم المعاجز والكرامات العالية للأئمّة بحيث ينتزع من بعضها رائحة الغلوّ ، في حين لم يكن الأمر كذلك عند السَّبْرِ والتحقيق.
وذهب فريق آخر منهم إلى أنّ معيار الغلوّ عند القميّين هو ترك الفرائض والضروريّات ، كالصلاة والزكاة ، لقول الغلاة أنّ معرفة الإمام تكفي عن العمل ولا داعي للإتيان بالواجبات لو عرفنا الإمام حقَّ معرفته ، ومثّلوا لذلك بما فعله أهل قمّ مع محمّد بن أورمة ، الّذي امتحنوه بالصلاة ، وكذا امتُحِنَ المفضّل بن عمر بالصلاة (١) ، وعنون الكشي جمعا من الغلاة كان من بينهم علي بن عبداللّه بن مروان وقال أنّه سأَلَ العياشيَّ عنهم ، فقال : وأمّا علي بن عبداللّه بن مروان ، فإنّ القوم [ يعني الغلاة ] تُمتَحَنُ في أوقات الصلوات ، ولم أحضره وقت صلاة (٢). وإليك الآن بعض النصوص عن الفريقين.
قال الوحيد البهبهاني في تعليقاته على منهج المقال :
اعلم أنّ الظاهر أنّ كثيرا من القدماء ـ سـيما القمّييّن منهم والغضائري ـ كانوا يعتقدون للأئمّة عليهمالسلام منزلةً خاصة من الرفعة والجلالة ، ومرتبة معيّنة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم ، وما كانوا يجوّزون التعدّي عنها ، وكانوا يعدّون التعدّي عنها ارتفاعا وغلوّا على حسب معتقدهم ، حتّى أنّهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم عليهمالسلام غلوّا ، بل ربّما جعلوا مطلق التفويض إليهم ـ أو التفويض الذي اختُلف فيه ، أو المبالغة في معجزاتهم ، ونقل العجائب من خوارق العادات
__________________
(١) اكليل المنهج في تحقيق المطلب للكرباسي : ٣٨١ ، وانظر الكشي كذلك.
(٢) رجال الكشي ٢ : ٨١٣ / الرقم ١٠١٤ ، وانظر قاموس الرجال ١ : ٥١ للتستري.