عنهم ، أو الإغراق في شأنهم وإجلالهم وتنز يههم عن كثير من النقائص ، وإظهار كثير قدرة لهم ، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ـ ارتفاعا أو مورثا للتهمة به ، سيّما من جهة أنّ الغلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم مُدَلَّسين.
وبالجملة : الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفـين في المسائل الأُصولية أيضا ، فربّما كان شيء عند بعضهم فاسدا أو كفرا أو غلوّا أو تفويضا أو جبرا أو تشبيها أو غير ذلك ، وكان عند آخر ممّا يجب اعتقاده ، أو لا هذا ولا ذاك.
وربّما كان منشأُ جرحهم بالأُمور المذكورة وجدانَ الرواية الظاهرة فيها منهم ـ كما أشرنا آنفا ـ أو ادّعاء أرباب المذاهب كونه منهم ، أو روايتهم عنه. وربما كان المنشأ روايتهم المناكير عنه ، إلى غير ذلك.
فعلى هذا ربّما يحصل التأمّل في جرحهم بأمثال الأُمور المذكورة .. إلى أن يقول رحمهالله :
وللتفويض معان ، بعضها لا تأمّل للشيعة في فساده ، وبعضها لا تأمّل لهم في صحّته ، وبعضها ليس من قبيلهما ، والفساد كفرا كان أو لا ، ظاهر الكفر ية أو لا ... ثم ذكر الاقسام السبعة للتفويض (١).
وقال المامقاني في مقباس الهداية عند كلامه عن الفرق الضالّة من الغلاة :
ولكن لا يخفى عليك أنّه قد كثر رمي رجال بالغلو ، وليسوا من الغلاة عند التحقيق ، فينبغي التأمّل للاجتهاد في ذلك ، وعدم المبادرة إلى القدح بمجرّد ذلك ، ولقد أجاد المولى الوحيد حيث قال ـ ثم أتى بمقاطع من كلامه رحمهالله ـ ثمّ قال :
فظهر أنّ الرّمي بما يتضمّن عيبا فضلاً عن فساد العقيدة مما لا ينبغي الأخذ به بمجرّده ، بل لا يجوز لما في ذلك من المفاسد الكثيرة العظيمة ، إذ لعلّ الرّامي قد اشتبه في اجتهاده ، أو عوّل على من يراه أهلاً في ذلك ، وكان مخطئا في اعتقاده ،
__________________
(١) راجع تعليقة الوحيد ( منهج المقال ) ١ : ١٣٠ ـ ١٣٢ ، والفوائد الرجالية : ٣٨ ـ ٤٢.