الحسن الكاظم عن معنى « حيَّ على خير العمل » وقوله : « إنّها الولاية ، وإنّ عمر أراد أن لا يكون حثٌّ عليها ودعاء إليها » ، وجمعته مع ما جاء عن الإمام الرضا الآنفة ، لعرفتَ وجود مفهوم الإمامة والولاية في الأذان في القرن الثاني الهجري.
ومن كلّ ما مرّ يتّضح لك أنّ معنى الولاية موجود في الأذان وهو المصرَّح به من قبل الأئمّة : الباقر ، والصادق ، والكاظم عليهمالسلام ، وكذلك الإمام الرضا بقوله : ( مجاهرا بالإيمان ) كما قررناه آنفا.
وعليه فالنداء بالحيعلة الثالثة هو نداء المؤمنين المعتقدين بولاية علي أمير المؤمنين ، ومن خلاله يمكن أن نقول برجحان الشهادة بالولاية في الأذان بتقريب أنّ الإمام الرضا عليهالسلام من جهة قال : إنّ المؤذن مجاهرا بالإيمان إذا ما دعا إلى اللّه ، والإيمان هو الذي يدور مدار الولاية ، بخلاف الإسلام الذي يدور مدار الشهادتين فقط ، ومن جهة اخرى فإنّ الإمام الكاظم عليهالسلام في حسنة ابن أبي عمير حثّ على الولاية من خلال حيّ على خير العمل ، ونتيجة ذلك محبوبية المجاهرة بالولاية في الأذان ، لكن لا على أنّها جزء فيه وفصل من فصوله بل لمجرّد الذكر المحبوب الذي يدور مدار الإيمان الذي لا يتحقّق إلاّ بالولاية علاوة على الشهادتين.
ونحن إن شاء اللّه سنُفصّل قولنا هذا أكثر فأكثر في الفصل الثالث « الشهادة الثالثة شعار وعبادة » والذي سنثبت فيه الترابط المعرفي بين الشهادات الثلاث ، وإن في الأذان لفّا ونشرا مرتَّبا بين الشهادات الثلاث ، والحيعلات الثلاث ، وهذا يؤكّد كونه تشريعا سماويا وليس بمناميّ.
لقد مشت هذه السيرة ـ السيرةُ الأذانية ـ عند الشيعة ، حتّى عهد المتوكّل العباسي الذي أراد الإزدراء بالإمام الهادي ، لكنّه ازدرى بنفسه وبأسياده القرشيين والأمويين حينما ذكّره الإمام عليهالسلام مفتخرا على الجميع بأنّ الجوامع والمساجد تأتي