وهنا سؤال لابدّ من الإجابة عليه ، وهو : إذا كان الأذان يحمل معنى الولاية ـ كما قلت ـ من خلال « حيّ على خير العمل » ، فما الدّاعي للحثّ على الولاية والإتيان بجملة « أشهد أنّ عليّا ولي اللّه » في الأذان تارة أخرى؟! خصوصا مع عدم ورود ذلك ضمن فصول الأذان المحكي عن الأئمة عليهمالسلام؟
الجواب :
نحن وضّحنا سابقا أنّ الأحكام المباحة وحتّى الاستحبابية قد تصير واجبةً بعنوانها الثانوي ، بمعنى أنّ شرب الماء المباح قد يصير واجبا لو توقّف إنقاذ النفس المحترمة عليه ، ومن تلك الأمور التي قد تجب هو ما نحن فيه ، لأنّ الإمام الكاظم وببيانه لعلّة حذف عمر بن الخطاب لـ « حيّ على خير العمل » أكّد بأنّ عمر كان لا يريد الحثّ على الولاية والدعوة إليها ، بمعنى أنّه حذف الحيعلة الثالثة خوفا من تواليها ومستلزماتها ، والإمام كان يريد الدعوة إليها ، فلو لم يكن الإمام عليهالسلام يريد الدعوة إليها لكان كلامه لغوا ، لأ نّه عليهالسلام قالها بعد أن فسر معنى الحيعلة الثالثة بالولاية.
نعم ، إنّ عمر بن الخطاب بعمله هذا حذف فصلاً ثابتا من فصول الأذان ، ليُميت مفهومه ، والإمام عليهالسلام بدوره أراد احيائها والدعوة إلى الولاية وبرّ فاطمة كما في حسنة ابن أبي عمير عن الكاظم ، وعليه فإنّ فعل الإمام جاء في سياق الحفاظ على السنّة والقِيَم ، وهو مما يجب أن يفعله كلّ مسلم ، لأنّ الآخرين كانوا يريدون إماتة الفرائض والسنن ، والإمام كان يريد أن يحييها بالإتيان بها ، وهو يدلّ على شرعية ذلك الإتيان.
وعليه فإنّ الإتيان بجملة : « أشهد أنّ عليّا وليّ اللّه » أو « محمد وآل محمد خير البرية » وأمثالهما قد تتأكد مطلوبيتها بالعنوان الثانوي ، وذلك لسعي الحكّام لحذفها وإماتتها ، وهذا ما وضّحناه في دراستنا عن « حيّ على خير العمل » ؛ إذ أنّ