بها ، ولمّا لم نره يأتِ بأسانيدها في كتبه فليس لنا إلاّ أن نقول أنّه تركها لمخالفتها لما اشتهر عند الأصحاب من أنّ الشهادة بالولاية ليست جزءً في الأذان ، أو للتقيّة لأنّ الشيخ لم يأتِ بتلك الأخبار وأسانيدها للظروف التي كان يعيشها ؛ لأ نّه مرّ بظروف قاسية جدّا.
وممّا حُكي بهذا الصدد أنّه وُشي بالشيخ الطوسي إلى الخليفة العباسي بأ نّه وأصحابه يسبّون الصحابة ، وكتابَهُ المصباح يشهد بذلك ؛ لما في دعاء زيارة عاشوراء : « اللّهمّ خصَّ أنتَ أوَّل ظالم باللعن مني ... ».
فأجاب الشيخُ الخليفَة بأنّ المراد بالأول قابيل قاتل هابيل ، وهو أوّل من سنّ القتل والظلم. وبالثاني عاقر ناقة صالح. وبالثالث قاتل يحيى. وبالرابع عبدالرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب.
فرفع الخليفة عنه العقوبة (١).
فتلّخص ممّا سبق أنّه ليس هناك تعارضٌ بين قولي الشيخ في النهاية والمبسوط ، لأ نّه رحمهالله عنى بقوله الأوّل الذين يأتون بها على نحو الجزئية وهؤلاء مخطئون حسب قواعد الاستنباط ، وأمّا الذين يأتون بها لجوازها في نفسها فلا إثم عليهم.
ولا يخفى عليك أنّ الشيخ قال في النهاية : « كان مخطئا » ولم يقل : « كان مبدعا » كما قاله في الذين يأتون بجملة « الصلاة خير من النوم » ، والفرق بين الأمر ين واضح.
وممّا يجب التنبيه عليه هنا هو أنّ الشيخ ألّف كتابه « النهاية » قبل « المبسوط » ، لأ نّه رحمهالله ذكر النهاية والتهذيب في مقدّمة الاستبصار وفي مشيخته ولم يذكر غيرهما
__________________
(١) قاموس الرجال ٩ : ٢٠٨ ، عن مجالس المؤمنين ١ : ٤٨١. ومن أراد المزيد مما كان يمرّ به الشيخ الطوسيّ من ظروف عصيبة فليطالع حياته السياسية والعلمية في مظانّها.