اعتبرها أخبارا صحيحة وفي نفس الوقت لم ير العمل بها ، لعدم عمل الطائفة بها ، لكن لو أتى بها آتٍ بنيّة رجاء الورود أو لمجرّد إظهار الاعتراف والإذعان بما يعتقده في خليفة رسول اللّه ، أو للعمومات وغيرها ، « فلا يأثم ».
ونحن بكلامنا هذا لا نريد أن نُخَطِّئَ شيخنا الصدوق رحمهالله ، بل نريد الإشارة إلى ان الاحكام الصادرة من قبله رحمهالله جاءت شديدة على الأفراد والمجاميع ، وكذا لا نريد أن نُبَرِّيءَ ذمّة الغلاة والمفوّضة الّذين دسوا أحاديث في الشريعة ، لكن في الوقت نفسه نقول أنّ الجزم بوضع المفوضة والغلاة لهذه الاخبار تطرف من الشيخ رحمهالله ، ولنا أن نقول كذلك : أنّ القائلين بالشهادة الثالثة إنّما قالوها دفاعا عمّا اتُّهموا به ، فقالوا بأنّ عليا ولي اللّه وهو حجّته وليس بإله ولا نبي ، وهذا أبعد عن الغلوّ والتفو يض.
وعليه فإن ثبت تَسَرُّعُه في الحكم بالوضع فيما حكم عليه ـ كما في الأمور التي مضت علاوة على أخبار الشهادة الثالثة ـ فيجب ترك كلامه والأخذ بالأمر المعتدل ، وهو مخرج تمسّك به بعض الفقهاء.
وإن ثبت صحّة كلامه وأنّ المفوّضة قد وضعوا في الأذان وزادوا من عند أنفسهم على نحو الجزئية فنحن مع أئمّتنا ومع شيخنا الصدوق قدسسره نلعن من يضع الأحاديث على لسان الأئمّة ويُدخِل في الدين ما ليس منه ، وهذا مما يجب بحثه في الفصول الثلاثة القادمة إن شاء اللّه تعالى.