وفي الجملة إنّ مجموع الجهات الأربع وخصوصا الأُوليين منها يوقفنا على خطأ دعوى بدعيّة الشهادة الثالثة ، بمجرّد عدم مجيئها في كلام الأئمة ، إذ قد تبيّن أنّ الأصل هو الإباحة ، والإباحة ، بضميمة عمومات كثيرة أُخرى ترتفع إلى مرتبة الاستحباب ، خاصّة مع ملاحظة الأخبار الصحيحة غير المشهورة في رجحان الإتيان بها كما جزم به المجلسيّ وغيره ، والّتي وُصِفَتْ بالشذوذ.
وقد يقال هنا بإمكان إثبات الجزئية الواجبة لها فضلاً عن الاستحبابية ، لأ نّه لو قيل بعدم تماميتها في الجزئية الواجبة ، فلا يمكن الخدش في دلالتها على الجزئية الاستحبابية ، لقاعدة التسامح في أدلة السنن أو بقصد القربة على اختلاف المبنيين ، وكذلك للعمومات الواردة في لزوم مقارنة الرسالة بالوصاية في كل شيء : « من قال محمد رسول اللّه فليقل علي أمير المؤمنين » و « أينما ذُكرتُ ذُكرتَ معي » وغيرها من الأدلة العامّة التي سيأتي بحثها.
وعليه ، فإنّ التوقيفية في العبادات لا يمنع من الإتيان بالشهاة الثالثة حسب البيان الذي قلناه ، وبرجاء المطلوبية استنادا إلى الأخبار التي أشار إليها الصدوق والطوسي رحمهما اللّه ومن تبعهما في ذلك كالعلاّمة ويحيى بن سعيد رحمهما اللّه ، وطبقا للعمومات التي جاءت في الشريعة ، إلى غيرها من الأدلّة التي ذكرها فقهاؤنا الأقدمون.
والملاحظ أنّ غالب الشيعة الإمامية لا تأتي بالشهادة الثالثة على أنّها جزءٌ ، بل بقصد القربة المطلقة وأمثالها ، فانهم لو كانوا يقولون بالجزئية لما اختلفت الصيغ الدالّة على الشهادة الثالثة عندهم : « أشهد أن عليّا ولي اللّه » ، ومنهم من روى « محمد وآله خير البريـة » ، و « محمد وعلي خير البشر ».
__________________
الطوسي.