فسكتت سكينة ، فلمّا قال المؤذّن : أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه ، قالت سكينة : هذا أبي أو أبوكِ؟
فقالت العثمانية : لا جَرَمَ ، لا أفخر عليكم أبدا (١).
وهذا معناه أنّ القرشيين كانوا يتحينون الفرص للحطّ من شأن قربى الرسول وأهل بيته علاوة على أمير المؤمنين علي الذي هو على رأس هذا البيت المقدس ، وهذا يوقفنا على أنّ الشهادة بالولاية لعلي مع افتراض تشريعها أو محبوبية ذكرها أو جواز ذكرها من باب التفسير سيعارض الاتّجاه القرشي أقوى معارضة ، ولهذا وأدلّة أخرى احتملنا أنّ الشهادة بالولاية لعلي في الأذان لم ينشرها النبيّ بنحو الجزئية خوفا على الأ مّة من التقهقر ؛ إذ بالنظر لمجموع الأدلة في الشهادة الثالثة ـ علاوةً على اعتراف الشيخ الطوسي بوجود أخبار شاذّة فيها ، وأنّ الشاذّ ـ كما عرفه المجلسي ـ هو الصحيح غير المعمول به ، وذهاب طائفة عظيمة من فقهاء الأصحاب إلى محبوبيّتها ـ يمكن احتمال أنْ يكون ملاك التشريع موجودا فيها لكنّ المانعَ أيضا موجود آنذاك.
ومما يدل على ان القوم كانوا بصدد اخماد ذكر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو ما جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : أن فاطمة الزهراء لامت الإمام عليّا على قعوده ، وأطالت عتابَهُ ، وهو ساكت حتى أذّن المؤذّن ، فلمّا بلغ إلى قوله : « أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه » قال لها : أتحبّين أن تزول هذه الدعوة من الدنيا؟
قالت : لا.
قال : فهو ما أقول لك (٢).
وفي نص آخر : قد روي عن عليّ أنّ فاطمة حرّضته يوما على النهوض
__________________
(١) الأغاني ١٦ : ١٥٠.
(٢) شرح النهج ٢٠ : ٣٢٦ / الرقم ٧٣٥.