هذا وقد عُرِفَ عن السيّد البروجردي رحمهالله ـ وغيره ـ أنّه كان يصرّح في دروسه بأنّ كتب المتقدّمين هي بمنزلة الأصول المتلقّاة عن المعصومين ، وأنّها متون روائية ، وأنّ جميع كتاب « النهاية » أو أكثره نصوص روايات منقولة عن المعصومين ، وفيها ما يرتبط بالأذان والإقامة ، والشهادة بالولاية ، ومعناه : أنّ ما فيها لم يكن من وضع المفوِّضة ، وخصوصا مع تأكيد الشيخ في « النهاية » بأنّ أخبار الشهاده بالولاية جاءت ضمن روايات قد وقف عليها (١).
وهذا قد يؤكّد وجود روايات موجودة في أُصول أصحابنا لا أُصول المفوّضة لعنهم اللّه ، غاية ما في الأمر أنّ الشيخ لم يتوصّل إلى إمكانيّة حجيّتها الفعليّة للفتوى بالاستحباب وان تَوَصَّلَ لإمكانيّة الحجّيّة الفعليّة للفتوى بالجواز حسبما بيّنّا.
ولابد لي أن أشير هنا إلى أنّ البعض يطالبنا بتواتر الأخبار لإثبات الشهادة الثالثة ، وهذا طلب عجيب منهم ، لأنّ هذا البعض يعلمُ بأنّ الشيعة قد مرّت بظروف قاسية أدّت إلى إزهاق أرواح الكثير من علمائها ، وأنّ وصول هذه الأخبار الشاذّة قد كلّفنا الكثير من التضحيات ، فكيف يطلبون منّا لإثبات أمرٍ إعلاميّ كهذا بالتواتر؟!
ألم يكن ذلك من التعسّف بحقّ علمائنا ورواتنا؟!
نعم ، نحن بكلامنا هذا لا نريد القول بجزئيّتها ، لأن ليس بحوزتنا ما يدلّ على ذلك ، لكن في الوقت نفسه نريد التأكيد على عدم استبعاد وجود روايات على ذلك ، وهذا ما نعبّر عنه بالحجية الاقتضائية لأخبار الشهادة بالولاية.
فعلى سبيل المثال ، قال الشيخ محمد باقر المجلسي ( ت ١١١٠ ه ) في بحار الأنوار مذيِّلاً عبارة الصدوق : « لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة
__________________
(١) النهاية : ٦٩ ، والمبسوط ١ : ١٤٨.