لأخّرت العشاء إلى ثلثي الليل » ولكون الاتيان بالشهادة الثالثة في الأذان أمر جائز وليس بواجب حتى يلزم للإمام ان يبينه مثل «حي على حي العمل».
لأنّ الشهادة بالولاية في الأذان لم تكن كغيرها من الأمور المعرفيّة التي يمكن الإسرار بها والاحتفاظ بها عند الخاصة ، بل انه أمرٌ إعلاميّ يجب الجهر به ، والجهر بالولاية في مثل تلك الظروف يساوق قتل المعصوم وقتل شيعته ، ولأجل ذلك لم يلزم الشارع المقدس المسلمين للقول بها ، فكان تركها وعدم إيجابها رحمة للمؤمنين ، وسعة لشيعة أمير المؤمنين.
وعليه فلا تحقُّقَ للإطلاق المقاميّ هنا ، لعدم قدرة الإمام على بيانه ، لما في هذا البيان من عواقب تستوجب هدر الدماء ، كلُّ ذلك مع توفّر الملاكات في ذلك لكنّ الجعل غير ميسور ، وبمعنى آخر : المقتضي موجود ، والمانع موجود كذلك.
ويمكن أن يجاب كلامهم بنحو آخر وهو : إنّ عدم الذكر أعمّ من عدم الجعل ، فقد يكون الأمر مجعولا شرعيّا لكنّ الشارع أخّر بيانه لأمورٍ خاصة ، وهذا يتّفق مع مرحليّة التشريع وأنّ الأحكام لم يؤمر بها المكلّف دفعةً واحدة في بدء التشريع ، بل نزلت تدريجا ، بل قد يكون الحكم مُودَعا عند الأئمة موكولاً إلى وقت رفع المانع عنه ، وهذا ما رأيناه في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة ، فكم حكم اتّضح حاله بعد رفع المانع ، وهناك أحكام أُخرى مخفيّة ستظهر بعد ظهور الإمام الحجة عجل اللّه تعالى فرجه الشريف ، والذي مر عليك بأ نّه سيأتي بأمر جديد (١).
الأمر السادس : ان الشيخ الطوسي كثيرا ما يتعرّض في التهذيب والاستبصار (٢) والمبسوط والعدّة لآراء مَن قَبْلَهُ ، وخصوصا لآراء امثال الشيخ الصدوق ؛ قال في العدة : إنّا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار ، فوثّقت الثقات منهم
__________________
(١) انظر كتاب الغيبة للنعماني : ٢٠٠ وعنه في بحار الانوار ٥٢ : ١٣٥ / الباب ٢٢ / ح ٤٠.
(٢) انظر مثلا الاسـتبصار ١ : ٢٣٧ ، ٣٨٠ ، ٤٣٣ ، ج ٣ : ٧٠ ، ١٤٦ ، ٢١٤ ، ٢١٤ ، ٢٦١ ، ج ٤ : ١١٨ ، ١٣٠ ، ١٥٠ وغيرها.