الحيعلة الثالثة ، وذلك كاستحباب حكاية ما يقول المؤذن عند سماع الأذان.
فقد روى الشيخ في « المبسوط » والعلاّمة في « التذكرة » مرسلاً بقولهما : وروي أنّه إذا سمع المؤذن يقول « أشهد أن لا إله إلاّ اللّه » أن يقول : وانا أشهد ان لا إله إلاّ اللّه ، وحده لا شريك له ، وان محمدا عبده ورسوله ، رضيت باللّه ربا وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولاً وبالأئمة الطاهرين ائمة ، ويصلي على النبي وآله (١).
فقد يكون ابن البراج من جهة يرى شرعيّة القول بـ « آل محمد خير البرية مرتين » ، لتلك الروايات الدالة على فك معنى الحيعلة ، فيكون كلامه رحمهالله معنى آخر لحسنة ابن أبي عمير عن الإمام الكاظم عليهالسلام الصريحة في الولاية.
ومن جهة أخرى كان يخاف من الجهر بها لظروف التقيّة التي كان يعيش فيها ولذلك ذهب إلى قولها سرا ، ومعناه : إنّ المقتضي موجودٌ للقول بها وكذا المانع وهو الخوف على النفس ، فسعى للجمع بين الأمرين فأفتى باستحباب أن يقولها المؤذّن سرّا في نفسه عند « حيَّ على خير العمل » ، خلافا للصدوق الذي نفاها تقيّةً ، أو لاعتقاده أنّها من وضع المفوّضة يقينا ، أو لعدم ارتضاء مشايخه لها ، وكذا خلافا للشيخ الطوسي الذي لم يذهب إلى استحباب القول بها ، لكونها وردت في شواذّ الأخبار ، المخالفة للمعمول عليه عند الطائفة ، فالشيخ أفتى بجواز العمل بها لكنّه لم يقل باستحبابها لعدم اعتبار الأخبار الشاذّة عنده إن عارضت ما هو أقوى منها.
وأمّا ابن البرّاج فقد قال باستحباب قولها سرّا للروايات التي وقف عليها ، وبهذا ترى في فتوى ابن البراج نقلة نوعيّة وفقهيّة أُخرى في تطوّر سير هذه المسألة الفقهية بعد السيّد المرتضى والشيخ الطوسي رحمهما اللّه تعالى.
وإنّ تقييد ابن البرّاج الحكم بمرّتين صريح في أنّه أخذه من روايات كانت
__________________
(١) المبسوط ١ : ٩٧ ، تذكرة الفقهاء ٣ : ٨٤.