.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن هذا الإيراد غير وارد على ما ذكرنا من أنّ وجوب الفعل عند حدوثه في حق كل مكلف ، غير مشروط بشيء ، وانما الاشتراط في ناحية سقوطه بمعنى أنّ الوجوب الحادث يسقط عن سائر المكلفين بحصول الفعل من البعض الآخر.
نعم يرد على الالتزام بالوجوبات المتعدّدة كما ذكر بأنّها من قبيل الأكل من القفا حيث إنّه إذا كان للمولى غرض واحد يحصل بفعل مكلّف ما ، لكفى أن يجعل التكليف به على صرف وجود المكلف لا كلّ واحد من المكلفين أو بعضهم بعينه.
وتوضيحه : كما أنّ الغرض ـ فيما إذا كان مترتبا على أحد الفعلين لا بعينه ـ يتعلّق التكليف بهما بعنوان أحدهما ولا يتعدّد التكليف بتعدّد الفعلين أو الأفعال كذلك فيما ترتب الغرض على فعل أحد المكلفين أو بعضهم ولذا يقول المولى في مثل هذه الموارد «فليأت واحد منكم بالماء» فالمطلوب منه هو صرف الوجود ممّن ينطبق عليه عنوان المكلف. ودعوى أنّه مع هذا النحو من التكليف لا يصح للمولى مؤاخذة الكلّ فيما إذا تركوا الفعل ، مدفوعة : بأنّه مع تمكّن كل منهم على موافقة التكليف وكون كل منهم داخلا في العنوان الذي خاطبهم به ، لا يرى العقل قبحا في مؤاخذة كلّ منهم ، كما أنّه لو كان الامتثال منهم دفعة واحدة لعدّوا جميعا مطيعين ، حيث إنّ تخصيص بعضهم بالطاعة دون الآخرين بلا معيّن.
لا يقال : البعث لا يكاد يتوجّه إلّا لآحاد المكلّفين فإنّهم قابلون للانبعاث وأمّا العنوان الجامع فهو وإن أمكن أن يكون موضوعا لحكم وضعي كما في ملكية الزكاة لطبيعي الفقير وملكية الخمس لطبيعي الهاشمي إلّا أنّ التكليف لا يكاد يتوجّه إلّا إلى الآحاد وصرف وجود المكلف ، أو عنوان أحدهم إن كان مشيرا إلى الخارج ، فالمكلف هو الآحاد فيكون التكليف انحلاليا لا العنوان فإنّه غير قابل للانبعاث.