الرعية ، وقد عمل الصحابة وأصحاب الأئمّة عليهم السلام بخبر العدل الواحد ، وبالمكاتبة على يد الشخص الواحد ، ولا ينافي هذا الجزم تجويز العقل خلافه ، نظرا إلى إمكانه ، كما لا ينافي العلم بحياة زيد الذي غاب عنّا لحظة تجويز موته فجأة ، و [من] تتبّع كلمات العرب ظهر له أنّ إطلاق العلم على ذلك حقيقة عندهم.
والحاصل ؛ أنّ الاطمئنان يجوز العمل به ، فإن شئت فسمّه : علما ، وإن شئت فسمّه : ظنّا ، فالنزاع بين الأخباريّين وبين المجتهدين لفظي. انتهى.
وأقول : في جعله النزاع لفظيّا من النظر ما لا يخفى ؛ فإنّه خلاف صريح كلماتهم ، كالنظر في تسمّية ما ذكره علما عاديا ، فإنّ العلم العادي ما لا يحتمل النقيض أصلا مادام الشخص عالما بواسطتها ، ككون الجبل حجرا ؛ فإنّه لا يحتمل النقيض حال العلم بأنّه حجر ، سواء كان في شيء من الأوقات أو دائما.
والحاصل ؛ أنّه مادامت العادة تقتضي انتفاء النقيض فلا احتمال للنقيض ، وذلك لا ينافي إمكان تبدّل الحجر ذهبا بالذات من حيث القابليّة ، وعموم قدرة اللّه تعالى ، وأمّا مجرّد الاطمئنان وعدم الدغدغة الحاصل للشخص من جهة عدم الالتفات إلى ما يوجب زوال العلم فليس بعلم حقيقة وفي نفس الأمر ، بل هو جزم حصل للشخص ، ويتفاوت بتفاوت الأشخاص من حيث التنبّه للاحتمالات وعدمه. فالأولى أن يسمّي ما يدّعيه من الجزم أو الاطمئنان ب : العلم العرفي لا العادي الذي هو مثل العلم العقلي في عدم احتمال النقيض مادام العلم والعادة.