وثانيا : ما مرّ من منع احتفاف الكتب الأربعة بما يورث الاطمئنان بصدور جميع ما فيها ، لما مرّ من عدم وجدان ما نسب إلى عدّة الشيخ رحمه اللّه واعتراف محدّثهم البحراني بعدم التزام الصدوق رحمه اللّه بما وعده في أوّل الفقيه.
وبالجملة ؛ فدعوى قطعيّة أخبار الكتب الأربعة واضحة البطلان ، ونسبة شهادتهم بقطعيّتها إليهم خطأ صرف ؛ ضرورة خلوّ كلماتهم عن الدلالة على علميّة جميع ما جمعوه في كتبهم من الأخبار ، وإنّما فيها ما يفيد أنّها معمول بها عندهم أو عند غيرهم ، لوضوح أعمّية العمل من العلم ، وكذا أخذ ما فيها من الاصول المعتبرة ، فدعوى كونها قطعيّة بجميع ما فيها عند أربابها ممنوعة ، فضلا عن قطعيّتها عند غيرهم ممّن عاصرهم أو تأخّر عنهم ؛ فإنّ المرجعيّة والتعويل على شيء لا تقتضي إلاّ الحجّية والاعتبار ، وغايتهما إفادة الوثوق والإعتماد ، وأين ذلك من العلم؟!كما يكشف عن ذلك التزامهم بذكر أسانيد الأخبار تفصيلا ، معلّلين بالتحرّز عن وقوع الإرسال في أخبارهم ، ولو كانت علميّة لم يفتقر إلى ذلك أصلا ، ولبطل التعليل المذكور.
وأيضا تراهم غير متفقّين في الجمع لما جمعوه ، فالكليني رحمه اللّه ترك كثيرا ممّا نقله المتأخّر عنه ، وكذا المتأخّر عنه قد زاد على ما جمعه السابق عليه ، حتّى بالنسبة إلى الكليني والصدوق رحمهما اللّه ، مع تقارب العصر ، والمنقول من أحوالهم إنّهم كانوا يتعبون في جمع الأخبار ونقدها وتصحيحها ،