__________________
وأما المتوسطين ؛ فيمكن أن يكون مدار توثيقاتهم على العلم فيما لو لم يعلم كونه مبنيا على توثيق بعض القدماء ، ويمكن أن يكون المدار على توثيقات القدماء ، أو الاستنباط من القرائن الخارجة ، أو على الشياع الموجب للظنّ .. هذا فيما لو لم يكن توثيق من عاصرهم أو قارب عصرهم ، أو بعد عن عصرهم ، لكن كان في غاية الاشتهار .. إذ كل هذا نوع من العلم ظاهرا ، أو الظنّ الموجب للاطمئنان ، ومثله الحال في المتأخرين .. وعلى منوال التوثيق حال الجرح.
بل يمكن دعوى أنّ الظاهر من سيرة الرجاليين هو بناء مزكي الرواة للطبقة اللاحقة في التزكية على الركون والسكون إلى أقوال من سلف .. من دون علم ولا ظن بظن العشرة ولو بحسب حسن الظاهر.
ثم لا بدّ من معرفة المقصود بالتزكية والتوثيق ما هو؟هل هو التعديل بالعدالة بالملكة ، فالعلم بالعدالة في كمال الإشكال .. وكذا إذا اريد من العدالة المعنى اللغوي بها.
وعليه ؛ فيمكن أن يكون مبنيا على العلم ، ويمكن أن يكون مبنيا على توثيقات القدماء ، أو الاستنباط ، أو الاشياع الموجب للظنّ .. ففيه وجهان ؛ البناء على العلم ، والبناء على الظنّ ..إلى آخر ما سلف.
ومثله الحال ـ بلا اختلاف ـ حال الجرح ؛ إذ الظاهر من قدحهم العلم بالحال وأن بعد زمانا عن الجارح ، وكلّما ازداد وأكد ازداد الظهور المذكور وعلم ـ كما أن نقل التوثيق والمدح ، وكذا الجرح والقدح يغايرهما.
ويرشد إلى أن مدار التوثيقات على الظنّ هو ما ذكره السيد في عدته [عدة الرجال ١٧٤/١] من أنّ الذي استقامت عليه طريقة أصحابنا من قديم الدهر ـ كما يظهر من كتب الرجال ـ هو الاكتفاء في الجرح والتزكية بالواحد ، خصوصا إذا كان من الأجلاّء.