تدلّ على أنّهم أرادوا بالعدالة معنى الملكة ، وهو أنّا وجدنا علماء الرجال قد ذكروا في جملة من الرواة ما يزيد على ظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق ، بل على حسن الظاهر بمراتب ، ومع ذلك لم يصرّحوا فيهم بالتعديل والتوثيق .. ألا ترى أنّهم ذكروا في إبراهيم بن هاشم أنّه أوّل من نشر أحاديث الكوفيّين بقم (١)!وهذا يدلّ على ما هو أقوى من حسن الظاهر بمراتب ؛ لأنّ أهل قم كان من شأنهم عدم الوثوق بمن يروي عن الضعفاء ، بل كانوا يخرجونه من بلدهم ، فكيف بمن كان هو في نفسه فاسقا ، أو على غير الطريقة الحقّة؟!
فتحقّق نشر الأخبار بينهم يدلّ على كمال جلالته ، ومع ذلك لم يصرّح فيه أحد بالتوثيق والتعديل ، فملاحظة أمثال ذلك تفيد أنّ مرادهم بالتوثيق إنّما هو إثبات العدالة بالمعنى المتّفق عليه ، وهو الملكة.
ولقد أجاد العلاّمة التستري الشيخ أسد اللّه عليه رضوان اللّه حيث قال ـ فيما حكى عنه تلميذه : صاحب التّكلمة (٢) ـ : إنّ تعديلهم لا ينتفع به الكلّ .. وهم قد (٣) انتفعوا به ، وتلقّوه بالقبول ، ولم نر من قدمائهم ولا من
__________________
(١) كما قاله النجاشي في رجاله : ١٦ برقم ١٨ [طبعة جماعة المدرسين ، وفي طبعة : ١٣] ، وإليه ذهب العلاّمة في الخلاصة : ٤ برقم ٩ ، وقبله الشيخ رحمه اللّه في الفهرست : ٤ برقم ٦ .. وعنه في مستدرك وسائل الشيعة ١ (١٩)٦٨/. ولاحظ : رجال السيّد بحر العلوم ٤٦٢/١ ـ ٤٦٤ .. وغيره.
(٢) تكملة الرجال ٣٥/١ ـ ٣٦.
(٣) لا توجد : (قد) في المصدر الناقل المطبوع.