وثالثا : إنّ عدالة مثل الشيخ رحمه اللّه والتفاته إلى الخلاف في معنى العدالة تقتضيان إرادته بالعدالة ـ فيمن أثبت عدالته من الرواة ـ العدالة المتفقّ عليها ؛ فإنّ التأليف والتصنيف إذا كان لغيره ـ خصوصا للعمل به مدى الدهر ، لا سيّما في هذا الأمر العظيم ـ إنّما يكون على وجه ينتفع به الكلّ أو الجلّ ، فلا يبنى على مذهب خاصّ إلاّ بالتنبيه عليه(١).
وبعبارة اخرى ؛ علم الرجال من مقولة السير والتواريخ ، ولا يقصد هناك إلاّ النقل إلى الغير ، وحينئذ فيلزم أن يكون الإخبار بالعدالة على وجه يعتمد عليه الجميع ـ لعلمهم بالخلاف في معناها ـ مضافا إلى أنّ هناك قرائن
__________________
قول منها ، وإلاّ فإنّ صرف الاختلاف لو كان مانعا لامتنع العمل في أكثر المسائل إن لم نقل كلّها ـ عدا النزر اليسير ـ.
(١) قال الأسترآبادي في كتابه منهج المقال ٨١/١ ـ ٨٢ : فإن قلت : وقع الاختلاف في العدالة هل هي الملكة ، أم حسن الظاهر ، أم ظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق ، وكذا في أسباب الجرح وعدد الكبائر ، فمن أين يطلع على رأي المعدّل؟! ، ومع عدم الاطلاع كيف ينفع التعديل؟!
قلنا : إرادة الأخير من قولهم(ثقة) ، وكذا في العدالة التي جعلت شرطا لقبول الخبر لإخفاء فساده .. وأمّا الأوّلان فأيّهما يكون مرادا ينفع القائل بحسن الظاهر ولا يحتاج إلى التعيين كما هو ظاهر ، وأمّا القائل بالملكة ؛ فقد قال في المنتقى [٢١/١] : تحصيل العلم برأي جماعة من المزكّين أمر ممكن بغير شك من جهة القرائن الحالية أو المقاليّة إلاّ أنّها خفيّة المواقع ، متفرقة المواضع .. ثمّ قال : قلت : إن لم يحصل العلم فالظن كاف لهم كما هو دأبهم ورويتهم .. ثمّ ذكر أجوبة آخر.
وانظر تفصيل ذلك في الرسائل الرجالية لحجة الإسلام الشفتي : ٨٦ ـ ٩٢.