وفيه : ما مرّ (١) من أنّ الرجوع إلى علم الرجال من باب التبيّن وتحصيل الوثوق بالخبر لا من باب الشهادة الشرعيّة المعتبر فيها اللفظ والتعدّد ، على أنّه يمكن إدراج ذلك في الشهادة اللفظيّة ؛ بدعوى أنّ لحوق الإجازة بالكتابة يجعلها بحكم الملفوظة ، نظير ما ذكروه في الوصيّة والإقرار ؛ من أنّ كتابة الموصي والمقرّ ليست وصيّة ولا إقرارا إلاّ إذا لحق بها قوله : هذه وصيّتي وإقراري .. وكذا قول المجيز : أجزت لك أن تروي عنّي كتابي هذا .. أو الكتب الفلانيّة .. عناه أنّ هذه رواياتي اروها عنّي ، فكأنّ ما في كتب الرجال ـ بعد لحوق الإجازة من المشايخ ـ بحكم الملفوظ ، ولو أنكر منكر الدلالة اللغويّة على ذلك فلا يسعه إنكار قضاء عرفهم به.
وأمّا عدم جواز رجوع مجتهد إلى اجتهاد غيره ، فإنّما هو فيما يمكنه الاجتهاد فيه ، لا ما تقصر يده عنه فيه ـ كما نحن فيه ـ ، ولذا ترى رجوعهم إلى كلمات أهل اللّغة ، مع فقد أكثرهم للإيمان فضلا عن العدالة ، وما ذاك إلاّ لانحصار طريق تحصيل اللّغة في الرجوع إليهم ، فهو رجوع إلى
__________________
ـ الوجوه ، فقال : إنّ التعديل والجرح من باب الشهادة ، وشهادة الفرع لا تقبل ، وأكثر تعديل أهل الرجال وحرصهم من ذلك القبيل ، لتحقق عدم الملاقاة في أغلبهم ؛ لأنّ غالب الرجال هم أصحاب الأئمّة(عليهم السلام) ، وأكثر التعديل من الكشي والنجاشي والشيخ ، ومعلوم أنّ هؤلاء لم يلقوهم وإنّما اخذوه عن الفرع ، وأقلّه بواسطة واحدة ، وهي كافية في ردّ ذلك ..
(١) في صفحة : ٥١ وما بعدها من هذا المجلّد.