وحتى ابن الجوزي لم يدرجه في ( الموضوعات ) ـ وإن قيل ذلك كذبا وزورا (١) وإنّما ذكره في كتابه الآخر ( العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ) (٢) لكنّك إذا راجعته رأيته يتكلّم على بعض أسانيده على مبانيه ويسكت عن بعض ، وكذلك ابن كثير يقول : « له طرق متعددة وفي كلّ منها نظر ، ونحن نشير إلى شيء من ذلك » لكنّه لا يشير ـ لا من قريب ولا بعيد ـ إلى شيء من ذلك بالنسبة إلى بعض الطّرق (٣).
وزاد بعضهم أنّ كثرة طرقه يزيده وهنا!! قال الزيلعي : « وكم من حديث كثرت رواته وتعدّدت طرقه وهو حديث ضعيف ، كحديث الطير ، وحديث الحاجم والمحجوم ، وحديث من كنت مولاه فعليّ مولاه ، قد لا يزيد الحديث كثرة الطرق إلاّ ضعفا » (٤).
مع أن القاعدة المقرّرة عندهم أنّ الحديث إذا تعدّدت طرقه يتقوّى ويبلغ إلى درجة الحسن ، قال المنّاوي بشرح بعض الأحاديث ـ وهو يرد على ابن تيميّة : « وهذه الأخبار وإن فرض ضعفها جميعا ، لكن لا ينكر تقوّي الحديث الضعيف بكثرة طرقه وتعدّد مخرّجيه إلاّ جاهل بالصناعة الحديثية أو معاند متعصّب ، والظنّ به ـ يعني ابن تيميّة ـ أنّه من القبيل الثاني » (٥).
وعلى هذا الأساس قال غير واحد من علمائهم الكبار بحسن حديث الطّير.
__________________
(١) كالقاري في ( المرقاة ) والشوكاني في ( الفوائد المجموعة ) والصبّان في ( إسعاف الراغبين ).
(٢) العلل المتناهية ١ / ٢٢٨.
(٣) تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٠.
(٤) تخريج الهداية ١ / ١٨٩ عنه تحفة الأحوذي ١٠ / ١٥٤.
(٥) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٣ / ١٧٠.