لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ ) (١) صريح في ذلك ، لقوله تعالى من قبل ( وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ ) (٢).
واما قوله تعالى ( وَاقْتَرَبَ ) (٣) إن جعل مترتبا على السجود أفاد المعنى الثاني ، ومنه الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أقرب ما يكون العبد الى ربّه إذا سجد » (٤). وإن جعل مستقلا أمكن أن يكون معناه وافق إرادة الله تعالى ، أو افعل ما يقرّبك من ثوابه ، قال الشيخ أبو علي ـ رحمهالله ـ : واقترب من ثوابه ، قال : وقيل معناه وتقرّب اليه بطاعته (٥).
والظاهر أنّ كلاّ منهما محصّل للإخلاص. وقد توهم قوم ان قصد الثواب يخرج عنه ، لأنّه جعله واسطة بينه وبين الله. وليس بذاك ، لدلالة الآي والأخبار عليه ، وترغيبات القرآن والسنّة مشعرة به ، ولا نسلّم أن قصد الثواب مخرج عن ابتغاء الله بالعمل ، لأنّ الثواب لما كان من عند الله فمبتغيه مبتغ وجه الله. نعم ، قصد الطاعة التي هي موافقة الإرادة أولى ، لأنّه وصول بغير واسطة.
ولو قصد المكلف في تقربه الطاعة لله أو ابتغاء وجه الله كان كافيا ، ويكفي عن الجميع قصد الله سبحانه الذي هو غاية كل مقصد.
وهذه القربة معتبرة في كل عبادة ، لقوله تعالى ( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٦) ، ( قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي ) (٧).
ودلالة الكتاب والأخبار على النية ـ مع أنها مركوزة في قلب كل عاقل يقصد
__________________
(١) سورة التوبة : ٩٩.
(٢) سورة التوبة : ٩٩.
(٣) سورة العلق : ١٩.
(٤) مسند أحمد ٢ : ٤٢١ ، صحيح مسلم ١ : ٣٥٠ ح ٤٨٢ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣١ ح ٨٧٥ ، سنن النسائي ٢ : ٢٢٦ ، السنن الكبرى ٢ : ١١٠.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٥١٦.
(٦) سورة البينة : ٥.
(٧) سورة الزمر : ١٤.