السادس : لو جفّ ماء الوضوء عن يديه أخذ من مظانه ـ كما مر ـ ولو من مسترسل اللحية طولا وعرضا ، لما بيّنا من استحباب غسله. ولو تعذّر ـ لإفراط الحر وشبهه ـ أبقى جزء من اليسرى أو كلّها ثم تغمس في الماء ، أو يكثر الصب ويمسح به. ولا يقدح قصد إكثار الماء لأجل المسح ، لأنّه من بلل الوضوء ، وكذا لو مسح بماء جار على العضو وان أفرط الجريان ، لصدق الامتثال ، ولأنّ الغسل غير مقصود.
السابع : لو مسح على الحائل لضرورة ثم زال السبب ، فالأقرب : عدم الإعادة ، للامتثال ، وقيامه مقام المحل.
ووجه الإعادة : تقدّر الطهارة بقدر الضرورة.
قلنا : ايّ دليل قام على ذلك ، وحمله على المتيمم والمستحاضة قياس.
الواجب الخامس : مسح الرجلين ، بإجماعنا ، لدلالة الكتاب والسنة عليه.
أمّا الكتاب ، فلقوله تعالى ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (١) ، عطف الأرجل على الرأس الممسوح إمّا لفظا أو محلا ، وهو أولى من عطف المنصوب على الأيدي ، للقرب وللفصل وللإخلال بالفصاحة من الانتقال عن جملة إلى أخرى أجنبية قبل تمام الغرض. ولأنّ العمل بالقراءتين واجب وهو بالعطف على الموضع.
ولو عطف على الأيدي لزم وجوب المسح بقراءة الجر ، والغسل بقراءة النصب ، فان جمع بينهما فهو خلاف الإجماع الاّ من الناصر الزيدي (٢). وان خيّر بينهما فلم يقل به غير الحسن والجبائي وابن جرير (٣). وقد استقر الإجماع بعدهم على خلافهم ، وتعيين أحدهما ترجيح من غير مرجّح.
لا يقال : الغسل مسح وزيادة فنكون عاملين بهما.
__________________
(١) سورة المائدة : ٦.
(٢) التفسير الكبير ١١ : ١٦١.
(٣) جامع البيان ٦ : ٨٣ ، احكام القرآن لابن عربي ٢ : ٥٧٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٨.