يلتفت ، لأنّ اليقين لا يرفعه الشك ، إذ الضعيف لا يرفع القوي.
وقد روى عبد الله بن بكير عن أبيه ، قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : « إذا استيقنت أنّك توضّأت فإيّاك أن تحدث وضوءا أبدا حتى تستيقن أنّك قد أحدثت » (١). وهو صريح في مسألة يقين الطهارة ، وظاهر في مسألة يقين الحدث ، عملا بمفهوم : « إذا استيقنت أنّك توضّأت » ، فإنّه يدلّ على اعتبار اليقين في الوضوء.
ولو تيقن الطهارة والحدث ، وشك في السابق ، قال المفيد : وجب عليه الوضوء ، ليزول الشك عنه ويدخل في صلاته على يقين من الطهارة (٢).
قال الشيخ : لأنه مأخوذ على الإنسان ألاّ يدخل في الصلاة إلاّ بطهارة ، فينبغي أن يكون متيقّنا بحصول الطهارة قبله ، ليسوغ له الدخول بها في الصلاة (٣). ولم يذكر في هذه المسائل الثلاث رواية غير ما تلوناه ، وكذا ابن بابويه في ( من لا يحضره الفقيه ) أوردها مجرّدة عن خبر (٤) ، وحكمها ظاهر.
غير أنّ المحقّق في المعتبر قال : عندي في ذلك تردّد ـ يعني مسألة يقين الطهارة والحدث ـ ويمكن أن يقال : ينظر الى حاله قبل تصادم الاحتمالين ، فإن كان حدثا بنى على الطهارة ، لأنّه بتيقّن (٥) انتقاله عن تلك الحالة إلى الطهارة ولم يعلم تجدّد الانتقاض ( صار متيقّنا ) (٦) للطهارة وشاكّا في الحدث ، فيبني على الطهارة وإن كان قبل تصادم الاحتمالين متطهّرا بنى على الحدث ، لعين ما ذكرناه من التنزيل (٧). هذا لفظه.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٠٢ ح ٢٦٨.
(٢) المقنعة : ٦.
(٣) التهذيب ١ : ١٠٢.
(٤) الفقيه ١ : ٣٧.
(٥) في س : متيقن ، وفي ط : تيقن.
(٦) في س ، ط : فصار مستيقنا.
(٧) المعتبر ١ : ١٧٠.