كالمجنون (١).
فروع :
الأول : لو زال عقل المكلف بشيء من قبله فصار مجنونا ، أو سكر فغطى عقله ، أو أغمي عليه بفعل فعله ، وجب القضاء لانه مسبب عن فعله ، وافتى به الأصحاب (٢) ، وكذا النوم المستوعب وشرب المرقد. ولو كان النوم على خلاف العادة ، فالظاهر إلحاقه بالإغماء ، وقد نبه عليه في المبسوط (٣).
فإن قلت : قد قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان » (٤) وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق » (٥) ووجوب القضاء يتبع وجوب الأداء ، فلم أوجب القضاء على الناسي والنائم؟
قلت : خرجا من العموم بخصوص قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها ، فليصلها إذا ذكرها » (٦).
الثاني : لو تناول المزيل للعقل غير عالم بذلك ، أو أكل غذاء مؤذيا لا يعلم به ، أو سقي المسكر كرها أو لم يعلم كونه مسكرا ، أو اضطر الى استعمال دواء فزال عقله ، فهو في حكم الإغماء لظهور عذره. اما لو علم انّ جنسه مسكر وظن انّ ذلك القدر لا يسكر ، أو علم انّ متناوله يغمى عليه في وقت فتناوله في غيره مما يظن انه لا يغمى عليه فيه ، لم يعذر لتعرضه للزوال.
__________________
(١) قاله مالك والشافعي ، لاحظ : المغني ١ : ٤٤٦.
(٢) راجع : المبسوط ١ : ١٢٦ ، المراسم : ٩٢ ، السرائر : ٥٩.
(٣) المبسوط ١ : ١٢٦.
(٤) الفقيه ١ : ٣٦ ح ١٣٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦٥٩ ح ٢٠٤٥ ، السنن الكبرى ٦ : ٨٤.
(٥) مسند أحمد ٦ : ١٠٠ ، صحيح البخاري ٧ : ٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦٥٨ ح ٢٠٤١ ، سنن أبي داود ٤ : ١٣٩ ح ٤٣٩٨ ، الجامع الصحيح ٤ : ٣٢ ح ١٤٢٣ ، سنن النسائي ٦ : ١٥٦.
(٦) مسند أحمد ٣ : ١٠٠ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٠ ، صحيح مسلم ١ : ٤٧١ ح ٦٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٢٨ ح ٦٩٨ ، سنن أبي داود ١ : ١١٩ ح ٤٣٥ ، الجامع الصحيح ١ : ٣٣٤ ح ١٧٧.