من السنة وما فيهما من المصالح ثم هما بعد دباغ الأبدان التي عليها بقاؤها وفيهما صلاحها فإنه لو لا الحر والبرد وتداولهما الأبدان لفسدت وأخوت (١) وانتكثت (٢).
فكر في دخول أحدهما (٣) على الآخر بهذا التدريج والترسل فإنك ترى أحدهما ينقص شيئا بعد شيء والآخر يزيد مثل ذلك حتى ينتهي كل واحد منهما منتهاه في الزيادة والنقصان ولو كان دخول أحدهما على الآخر مفاجأة لأضر ذلك بالأبدان وأسقمها كما أن أحدكم لو خرج من حمام حار إلى موضع البرودة لضره ذلك وأسقم بدنه فلم يجعل الله عز وجل هذا الترسل في الحر والبرد إلا للسلامة من ضرر المفاجأة ولم جرى الأمر على ما فيه السلامة من ضرر المفاجأة لو لا التدبير في ذلك فإن زعم زاعم ـ أن هذا الترسل في دخول الحر والبرد إنما يكون لإبطاء مسير الشمس في ارتفاعها وانحطاطها سئل عن العلة في إبطاء مسير الشمس في ارتفاعها وانحطاطها فإن اعتل في الإبطاء ببعد ما بين المشرقين (٤) سئل عن العلة في ذلك فلا تزال هذه المسألة ترقى معه إلى حيث رقي من هذا القول حتى استقر على العمد والتدبير لو لا الحر لما كانت الثمار
__________________
(١) اخوت : جاعت.
(٢) انتكثت : انتقضت وانتبذت.
(٣) احدهما أي الحرّ والبرد.
(٤) المراد بالمشرقين هنا هما المشرق والمغرب من باب تغليب أحدهما على الآخر.