والشهادة استئناس الرضيع بمحالب اُمّه ، ويستبشرون بالجنة ويعدون الساعات إليها ، حتى أن البعض منهم كبُرير كان يضحك ويمازح أصحابه وكأن شيئا لم يكن!.
كانت الميزة الأساسية لقوات الإمام الحسين عليهالسلام تتمثل بالقوة المعنوية العالية ، فقد أثبتت كل الحروب في جميع أدوار التاريخ أنّ التسليح والتنظيم الجيّدين والعدّة العددية غير كافية لنيل النصر والصمود في وجه العدو ما لم يتحلَّ المقاتلون بالمعنويّات العالية.
ولعل من أبرز العوامل التي عملت على شحذ معنويات القوات الحسينيّة ، هو إحساسهم بعدالة القضية التي يقاتلون من أجلها ، وكذلك حقانية ومظلومية الإمام الحسين عليهالسلام ، كما لعبت العبادة وخاصة الصلاة دورا في شحن العزائم وشحذ الهمم .. يقول الرواة : « بات الحسين عليهالسلام وأصحابه تلك الليلة ـ ليلة عاشوراء ـ ولهم دويّ كدويّ النحل ، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فعبر عليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون رجلاً » (١).
ويبدو أن المعنويات العالية التي كان يتحلى بها أفراد الجيش الحسيني ، جعلت بعض أفراد جيش يزيد يتيقن صدق وحقانية جبهة الحسين ، فالتحقوا بجبهته ، كما نقل الرواة أيضا بأن الحسين عليهالسلام طلب من أخيه العباس أن يحاول تأجيل القتال ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، قال له : « فان استطعت أن تؤخرهم إلى الغُدوَةِ ، وتدفعهم عنا العشية لعلنا نصلي لربنا
__________________
(١) اللهوف : ٥٧.