للنساء والأطفال حصانة في الحروب ، ولكن في كربلاء ، اُحرقت الخيام بأمر شمر بن ذي الجوشن على النساء والأطفال الذين بقوا بلا ملاذ آمن ، فقد هجموا على من في الخيام وشرّدوهم في البراري ولمّا يزل الإمام عليهالسلام حيّا يقاتل.
ولما رأى الحسين عليهالسلام هجوم الجيش على خيام عياله صاح : « .. انا الذي اُقاتلكم وتقاتلوني ، والنساء ليس عليهن جناح ، فامنعوا عتاتكم من التعرّض لحرمي ما دمت حيا » (١).
لم تجد هذه المناشدة أذنا صاغية ، من أُناس وضعوا القيم تحت أقدامهم ، وانساقوا وراء نزعتهم الجاهلية المتلهّفة للسَّلب والنهب. فلم يغضّوا الطرف عن مناشدة الحسين عليهالسلام فحسب ، بل تجاهلوا أوامر قيادتهم التي دعتهم ـ في الظاهر ـ إلى وقف الانتهاكات الشائنة لكرامة وممتلكات نساء بيت النبوّة.
نقل الشيخ المفيد قدسسره : « وجاء عمر بن سعد فصاح النساءُ وبَكيْن ، فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النسوة ، ولا تعرِّضوا لهذا الغلام المريض (٢) ، وسألته النسوة ليسترجع ما أُخذ منهنّ ليتستّرن به فقال : من أخذ من متاعهنّ شيئا فليردّه عليهنّ ، فواللّه ما ردّ أحد منهم شيئا » (٣).
ضمن هذا السياق ضربوا بعرض الحائط الدعوات الدينية والإنسانية
__________________
(١) اللهوف : ٧١.
(٢) يراد به الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام.
(٣) الإرشاد ٢ : ١١٣.