الحسين عليهالسلام قد استشعروا الخطر المحدق بالأمة من جراء سيطرة يزيد الفاسق ، الذي حَرَف الأمة عن مسارها الصحيح وحرَّف مبادءها الحقة ، وقوَّض دعائم مجدها ، كانوا كقائدهم الحسين قد وطّنوا أنفسهم لتحمّل كل الضغوط ، وكان بإمكانهم أن يستسلموا أو أن ينسحبوا تحت جنح الظلام ، لكن إرادتهم كارادة قائدهم واحدة لا تتجزأ هي انقاذ الإسلام ، يقول واشنطن ايروينغ ، المؤرخ الامريكي الشهير : « كان بميسور الامام الحسين النجاة بنفسه عبر الاستسلام لارادة يزيد ، إلاّ أنّ رسالة القائد الذي كان سببا لانبثاق الثورات في الاسلام لم تكن تسمح له الاعتراف بيزيد كخليفة ، بل وطّن نفسه لتحمّل كل الضغوط والمآسي لاجل انقاذ الاسلام من مخالب بني اُميّة. وبقيت روح الحسين خالدة ، بينما سقط جسمه على رمضاء الحجاز ـ والصحيح هو كربلاء ـ اللاهبة ، أيها البطل ، ويا اُسوة الشجاعة ، ويا أيها الفارس يا حسين » (١).
واذا كان أكثر مايمنع الناس عن التضحية ، حب المال والملذات ، وحب الحياة ، فان الأصحاب قد قطعوا علائق الدنيا تلك ، عندما رأوا في بداية مسيرهم نحو العراق ضباب الحرب ، وعندما دخلوا ـ من بعد ذلك ـ في أتونها ولسعهم لهيبها ، فلم يتهيبوا من رؤية الكتائب الجرارة التي تحيط بهم من كل حدب وصوب ، بل صمموا على التضحية بالنفوس وهي أغلى مايمكن التضحية به. يقول الكاتب المصري خالد محمد خالد وحقا ما يقول : « إن اللَّوحة التي رسمتها تضحيات الحسين وأهله وصحبه ، بوَّأت
__________________
(١) موسوعة عاشوراء : ٢٩١.