انقادوا ـ طواعيةً ـ لتوجيهات قائدهم الحسين عليهالسلام وخضعوا له عن طيب قلب ، نتيجة لطغيان حالة من الغليان والحماس والعشق للشهادة ، فعلى سبيل المثال ، نقرأ عن موقف عابس الشاكري ، وكيف أنه نزل الى المعركة بعد أن تقاعس الأعداء عن منازلته وانهالوا عليه بالحجارة ، فرمى بسيفه جانبا ، ونزع درعه ، ثم واجه جحافل الأعداء وهو أعزل إلا من سلاح الإيمان ، ومع هذا الاندفاع الذي قلّ نظيره ، فانه لم يخرج عما رسمته له قيادته من حدود ، وإنما أراد التعبير عن استهانته بالموت في سبيل قضيته العادلة وحبه لقائده وهيامه للشهادة ، كما أنه أراد بث الرّعب في صفوف أعدائه وإظهار استخفافه بجمعهم. ويبدو ـ أيضا ـ أنه أراد أن يقوم بمظاهرة احتجاج ، يُظهر فيها للملأ بأن القوة الباغية لا تستطيع إخماد جذوة الحق المتّقدة في القلوب. وكأن لسان حاله يقول : ليأت الموت ، وليأت القتل ، ولتأت الشهادة! ..ليجيء ذلك كله ، فذلك دورهم في الحياة. أن يُعلِّموا الناس في جيلهم ، ولكل الاجيال ، أنّ الوقوف إلى جانب الحق ، والتضحية المستمرة في سبيله ، هما أصدق مظهر لشرف الإنسان.
* * *