ورمت زينب عليهاالسلام بنفسها في الخيمة المشتعلة بالنار لإنقاذ الإمام زين العابدين منها ، وحينما صدر الأمر في مجلس يزيد بقتل الإمام السجّاد عليهالسلام فدته زينب عليهاالسلام بنفسها.
وهناك أيضا عشرات المشاهد الاُخرى التي يعتبر كل واحد منها أروع من الآخر ، وكل موقف منها يعطي درساً من دروس الايثار للأحرار ، فاذا كان المرء على استعداد للتضحية بنفسه في سبيل شخص آخر أو في سبيل العقيدة ، فهذا دليل على عمق إيمانه بالآخرة والجنّة وبالثواب الإلهي ، قال الإمام الحسين عليهالسلام في بداية مسيره إلى كربلاء : « من كان باذلاً فينا مهجته ، وموطِّنا على لقاء اللّه نفسه ، فليرحل معنا ، فإنّي راحل مصبحا إن شاء اللّه تعالى » (١).
وهذه الثقافة نفسها ـ ثقافة الإيثار ـ هي التي دفعت بعمرو بن خالد الصيداوي لأن يخاطب الحسين عليهالسلام في يوم عاشوراء قائلاً : « يا أبا عبداللّه جعلت فداك قد هممت أن ألحق بأصحابك وكرهت أن أتخلّف فأراك وحيدا بين أهلك قتيلاً. فقال له الحسين عليهالسلام : تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة. فتقدّم فقاتل حتى قتل رضوان اللّه عليه » (٢).
كما أشارت زيارة عاشوراء إلى صفة الايثار التي يتحلّى بها أصحاب الحسين ، فوصفتهم بالقول : « الّذين بذلوا مُهجهم دون الحسين
__________________
(١) كشف الغمّة / الإربلي ٢ : ٣٣٩ ، دار الأضواء ، بيروت ، ط٢ ـ ١٤٠٥ ه ، اللهوف : ٣٨.
(٢) اللهوف : ٦٥.