معسكر الحسين عليهالسلام ، وقف الحر بين يدي الحسين عليهالسلام منكسرا معلنا توبته واستعداده للتضحية بنفسه قائلاً : هل لي من توبة؟ فقال له أبو عبد اللّه عليهالسلام : « نعم يتوب اللّه عليك ، فانزل » (١) ، وهذا نموذج آخر على مروءة الحسين عليهالسلام ، فهو يقبل عذر المعتذر ، ولا يغلق باب التوبة في وجهه.
وفي قيظ يوم عاشوراء واشتداد حر الرَّمضاء ، لما رأى الحسين عليهالسلام هجوم الجيش على خيام عياله صاح بهم يعنّفهم : « ويلكُم! إنْ لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا في أمر دُنياكم أحرارا ذوي أحساب ، امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهّالكم » (٢). وهذا أيضا شاهد آخر على مروءته وشهامته ، فهو ما دام حيّا لم يكن قادرا على رؤية العدو وهو يهجم على عياله ، وقد شوهدت هذه الغيرة والحمية من الامام الحسين عليهالسلام وأنصاره في ساحة القتال يوم العاشر من المحرّم.
وهذه السجية قد استقاها من أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام الذي غلب جيش الشام في صفين ، وانتزع منه شريعة الفرات ، ثم قال لجنده : « خلّوا بينهم وبينه » (٣) ، ولكن لؤم معاوية الذي ورثه يزيد دعاه إلى منع الماء عن جيش الحسين بن علي عليهالسلام.
روى الشيخ الصدوق قدسسره أنّ عبيداللّه بن زياد كتب إلى عمر بن سعد : « إذا أتاك كتابي هذا ، فلا تمهلنّ الحسين بن علي ، وخذ بكظمه ، وحُلْ بين
__________________
(١) لواعج الأشجان : ٢١٩.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٢٤٤ ، حوادث سنة إحدى وستين.
(٣) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٣١٩.