الحرية والفضيلة ، ويتجنّب الغدر ونقض العهد وظلم الضعفاء ، ويدافع عنهم ، ولا يتعرض للابرياء ، ويقبل العذر ، ويقيل العثرة ، ويعترف بالحق الانساني للآخرين. هذه الأمور كلها تعتبر من معالم الشهامة والمروءة التي تجسدت على أرض الطف.
لقد رفض سيد الشهداء عليهالسلام عار البيعة ليزيد ، ولما واجه جيش الكوفة في طريق كربلاء ، رفض اقتراح زهير بن القين الذي أشار عليه بمحاربة هذه الفئة من قبل أن يجتمع إليهم سائر الجيش ، وقال عليهالسلام : « وما كنت لأبدأهم بالقتال » (١) ، وهذا نموذج رائع من شهامة الحسين عليهالسلام.
ولما لقي جيش الحر وقد أضرّ بهم العطش أمر بسقيهم الماء هم وخيلهم ، على الرغم من أنهم جاءوا لمجابهته واغلاق الطريق عليه ، وكان من بينهم علي بن الطعان المحاربي الذي ما كان قادرا على شرب الماء من فرط عطشه ، ويروي لنا القضية بنفسه ، قال : « كنت مع الحُرّ يومئذ فجئت في آخر من جاء من أصحابه ، فلما رأى الحسين عليهالسلام ما بي وبفرسي من العطش ، قال : أنخ الراوية. ثم قال : يابن أخي أنخ الجمل. فأنخته فقال : اشرب ، فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء ، فقال الحسين عليهالسلام : اخنث السقاء. أي اعطفه ، فلم أدر كيف أفعل ، فقام فخنثه فشربت ، وسقيت فرسي » (٢). وهذا مثال آخر على مروءته عليهالسلام.
ولما عزم الحر الرياحي على مفارقة جيش عمر بن سعد والانضمام إلى
__________________
(١) الإرشاد٢ : ٨٤.
(٢) الإرشاد ٢ : ٧٨.