هام في تكوين شخصيته الثقافية ، وأخلاقياته الإجتماعية والسياسية. ويلاحظ أن نهضة الحسين من بين جميع الثورات في تاريخ الإسلام الحافل بالثورات ، هي النهضة الوحيدة التي لا تزال ذكراها حيَّة غضَّة في حاضر المسلمين كما كانت كذلك في ماضيهم ، وهي الوحيدة من بين الثورات ، الثورة التي دخلت في أعماق الوجدان الشعبي وكانت واعزا وحافزا لما تلاها من ثورات ، يقول الكاتب والأديب :
« لم تنقضِ ستّ سنوات على مصرع الحسين حتى حاق الجزاء بكل رجل أصابه في كربلاء ، فلم يكد يسلم منهم أحد من القتل والتنكيل مع سوء السمعة ووسواس الضمير. ولم تعمر دولة بني أمية بعدها عمر رجل واحد مديد الأجل ، فلم يتم لها بعد مصرع الحسين نيف وستون سنة! وكان مصرع الحسين هو الداء القاتل الذي سكن في جثمانها حتى قضى عليها ، وأصبحت ثارات الحسين نداء كل دولة تفتح لها طريقاً إلى الأسماع والقلوب » (١).
جدير بالذكر يركز البعض من الكُتاب والباحثين على بُعد واحد من أبعاد نهضة الحسين عليهالسلام ، فيتناولونه بالبحث والتحقيق وكأنه البعد الفريد في النهضة المباركة ، وفات هؤلاء خطأ النظرة الاحادية الجانب ، التي تسهب في جانب أو بُعد واحد على حساب باقي الأبعاد العديدة.
ونحن في هذا الكتيب قد تناولنا بصورة مختصرة ولكن مركزة عدة أبعاد أساسية من نهضة الحسين عليهالسلام ، وسلطنا الأضواء المعرفية على أبعاد لم
__________________
(١) المجموعة الكاملة لأعمال العقاد ـ الحسين عليهالسلام أبو الشهداء ٢ : ٢٣٠.