الاستنباط قسمان : امارات واصول عمليّة.
فاذا شكّ الفقيه ان التدخين حرام او لا فان كانت لديه امارة ـ كخبر الثقة ـ تدل على الحرمة مثلا ثبت عنده حينذاك الحكم الشرعي وهو ان التدخين حرام ، اما اذا لم تتوفّر لديه امارة يثبت من خلالها الحرمة او غيرها من الاحكام وقع في الحيرة حيث لا يمكنه تحديد الحكم الشرعي ، وهذه الحيرة حيرة على مستوى العمل اي هو في مقام العمل لا يدري هل بالتالي يدخّن أو لا ، ولاجل دفع هذه الحيرة نصب الشارع المقدّس الاصول العمليّة لتقول له : يحق لك التدخين او لا.
اذن الاصول العمليّة يأتي دورها بعد العجز عن تحديد الحكم الشرعي فهي لا تحدده بل بلسان حالها كانها تقول اذا كنت عاجزا عن تحديد الحكم الشرعي ولم تعرفه فوظيفتك العمليّة اباحة التدخين مثلا او الاحتياط ، وما دامت لا تحدّد الحكم الشرعي ولا تقع في طريق استنباطه ـ بل الذي يقع في طريق استنباطه هي الامارات فقط ـ فهي ليست من المسائل الاصوليّة في شيء بمقتضى هذا التعريف.
٣ ـ ان التعريف المذكور يشمل بعض المسائل اللغويّة فمثلا حينما نريد استنباط حكم التيمم من قوله تعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) نكون بحاجة الى الاستعانة باللغة لمعرفة معنى الصعيد ، فاذا عرفنا انه عبارة عن مطلق وجه الارض وان لم يكن ترابا كان الحكم هو وجوب التيمم بكل ما يصدق عليه عنوان الأرض وان لم يكن ترابا. اذن ظهور كلمة الصعيد في مطلق وجه الأرض الذي نحصل عليه من خلال مراجعة اللغة استعنّا به في مقام الاستنباط فيلزم ان يكون من علم الاصول (١).
__________________
(١) قد يشكل بان ظهور كلمة الصعيد ليس مشمولا للتعريف حتى نحتاج الى اخراجه باعتبار ـ