امران حقيقيان قائمان بالنفس ولا يمكن ايجادهما بالانشاء ـ فان الانشاء ولو حصل مرارا لا يمكن ان يحصّل الحب فلو قلت مرارا اني احبك اني احبك ... فلا يحصل بذلك الحب وانما يحصل باسبابه الخاصة كتقديم هدية مثلا ـ فكذلك الجزئية لا يمكن ان تحصل بالانشاء.
ولماذا نذهب بعيدا فانه يكفينا الالتفات الى الجزئية في الاجزاء الخارجية ، فاذا كانت لدينا ورقة واردنا جعلها جزءا من الكتاب فلا يمكن ان تحصل جزئيتها بقولك جعلت الورقة جزءا من الكتاب وانما تحصل بلصقها داخل الكتاب بمادة لاصقة ، وهكذا الحال في جزئية السورة للصلاة فانها امر حقيقي واقعي ـ من الطبيعي ان واقعها الذي تنزع منه هو عالم الجعل والتشريع فان واقع كل شيء بحسبه ـ لا يمكن ان يحصل بالانشاء بل بسببه الخاص وهو الانتزاع من الوجوب الموجّه الى جميع الاجزاء التي منها السورة (١).
الشكل الاول :
وفي هذا الشكل الذي هو كالزوجية الواقعة موضوعا لوجوب الانفاق نطرح نفس السؤال السابق : هل الزوجية يمكن ايجادها بالجعل الاستقلالي او لا توجد الاّ بانتزاعها من الحكم بوجوب الانفاق على هذه المرأة او تلك؟ الصحيح انها تحصل بالجعل الاستقلالي ولا يمكن ان تكون منتزعة ، اذ وجوب الانفاق منصبّ على عنوان الزوجة ، فلا بد وان تكون الزوجية مجعولة في المرحلة الاولى حتى ينصب عليها وجوب الانفاق بعد ذلك ، فلو كانت منتزعة من وجوب
__________________
(١) لا يخفى ان عبارة الكتاب لم تسق الوجهين اللذين ذكرناهما كوجهين متمايزين بل ساقتهما كوجه واحد وصاغت الوجه الثاني كعبارة اخرى للوجه الأول ، والمناسب ما فعلناه.