اللابشرط القسمي ، اي لماهية الانسان بقطع النظر عن العلم والجهل. وهذا هو الصحيح وقد اتفقت عليه كلمة الاعلام بدون مخالف. اجل بعد هذا الاتفاق اختلفوا في ان كلمة « انسان » مثلا الموضوعة للطبيعة هل هي موضوعة لطبيعة الانسان مع التقيد بلحاظ اللابشرط او للطبيعة بقطع النظر عن ذلك؟ فان قلنا بالاول فمعناه ان الالفاظ موضوعة للمعاني مع قيد الاطلاق ـ اذ اللابشرط عبارة اخرى عن الاطلاق ـ وبذلك يكون الاطلاق مدلولا وضعيا وجزء من المعنى الموضوع له ، وان قلنا بالثاني فمعناه ان الاطلاق ليس مدلولا وضعيا فنحتاج في اثباته الى اجراء مقدمات الحكمة وبذلك يكون مدلولا حكميا (١).
وتقدم ان الاعلام قبل سلطان العلماء كانوا يقولون بالاول بينما هو ومن بعده والى يومنا هذا يقولون بالثاني ، والصحيح هو الاتجاه الثاني لوجهين :
١ ـ ان الوجدان اللغوي والعرفي قاض بذلك ، فاذا رجعنا الى اللغة لم نجد لغويا يفسر الانسان بطبيعة الانسان المقيدة بالاطلاق بل بالطبيعة فقط. وهكذا لو رجعنا الى العرف.
هذا مضافا الى ان كلمة « انسان » مثلا لو كانت موضوعة للطبيعة مع قيد الاطلاق لزم كون استعمالها في حالات التقييد ـ مثل رأيت انسانا عالما ـ مجازا لانه استعمال في غير المعنى الموضوع له مع انا لا نشعر بالوجدان بذلك.
٢ ـ ان قيد اللابشرط امر ذهني ـ لانه نحو من انحاء لحاظ الماهية في الذهن ، اذ تقدم ان انحاء لحاظ الماهية في الذهن ثلاثة احدها لحاظها على نحو اللابشرط ـ فلو كان قيدا في المعنى الموضوع له يلزم صيرورة معاني الالفاظ ذهنية ، اذ المقيد بالامر الذهني ذهني ، ويترتب على ذلك عدم امكان حصول الامتثال لو قال
__________________
(١) بكسر الحاء وسكون الكاف نسبة الى الحكمة.