وقد تسأل : لماذا فسّر النائيني الحجيّة بجعل العلمية دون المنجزيّة كما اختاره الآخوند مع ان تفسيرها بذلك لعله اقرب الى الصواب ، فان المولى حينما يجعل شيئا معيّنا حجّة فلا يقصد من ذلك الا جعله موجبا لاستحقاق العقوبة على تقدير المخالفة؟
والجواب : ان النكتة تكمن في ان الامارة لا تفيد الاّ الظن فكيف يجعلها المولى منجّزة وموجبة لاستحقاق العقوبة والحال ان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ترفض ذلك ، ان الامارة ما دامت لا تفيد العلم فلا يمكن ان يجعلها المولى موجبة لاستحقاق العقوبة ، فلا بد اوّلا من جعل الامارة علما لتصير مخالفتها بعد ذلك موجبة لاستحقاق العقوبة ، فانه مع العلم تصح العقوبة سواء كان العلم علما حقيقيا ام كان ظنا رفع الى درجة العلم.
واورد السيد الشهيد قدسسره على هذا الجواب الاول بأن الميرزا يتصوّر ان المشكلة تنشأ من اجتماع حكمين ولذا حاول تفسير الحجيّة بالعلمية لكي لا يلزم ذلك ، بيد ان الصحيح انها لم تنشأ من ذلك ، اذ مجرد اجتماع حكمين لا محذور فيه فان الحكم مجرد اعتبار ، واجتماع الاعتبارين امر معقول حتى في صورة تنافي متعلقهما ، فيمكن ان يعتبر وقت واحد ليلا ونهارا ، وهكذا في مقامنا يمكن اعتبار صلاة الجمعة واجبة ومحرمة في وقت واحد ، وانما المشكلة تنشأ من اجتماع المصلحتين والمفسدتين او المصلحة والمفسدة ، فان الحكم الواقعي بوجوب الجمعة ناشىء عن مصلحة فيها وحجيّة الامارة ناشئة عن مصلحة اخرى فيها ايضا فيلزم اجتماع المصلحتين ، ان المشكلة تكمن هنا لا في اجتماع الحكمين بما هما اعتباران حتى يحاول تغيير الحجيّة من جعل الحكم المماثل الى جعل الطريقية ، ونحن نقول للميرزا ان حجيّة الامارة اذا كانت ناشئة من مصلحة اخرى في صلاة