بقاعدة الوضع أو الطبع أن يستعمل اللفظ المفرد في غير معناه الأصلي إذا كان بينه وبين معناه الأصلي علاقة كذلك يجوز بالقاعدة المذكورة أن يستعمل اللفظ المركّب في غير معناه الأصلي إذا كان بينهما علاقة ، وإن لم يكن بين المفردات علاقة فالمركّب المستعمل في غير معناه الأصلي مجاز بالنسبة إلى وضع مفرداته ».
« فظهر أنه يكفي في مجازيّة المركّب استعماله في غير ما وضع له مفرداته ، كما أنّه يكفي في كونه حقيقة فيه استعمال مفرداته فيما وضعت بإزائه ».
« وأما ما التزموا به من أنّ المركّبات موضوعة بإزاء معانيها التركيبيّة بوضع مغاير لوضع مفرداتها ، ففساده ظاهر إذ بعد وضع المفردات أعني الطرفين والنسبة لا حاجة إلى وضع المركّب ، لحصول المقصود بدونه ، فإنّ وضع الطرفين لطرفي الحكم والنسبة اللفظية للنسبة الذهنية من حيث قصد مطابقتها للواقع وكشفها عنه كاف في إفادة ما هو المقصود قطعا ، فلا يبقى هناك حاجة تمسّ إلى وضع المركّب ».
« وأيضا لو كان المركّب من الطرفين والإسناد موضوعا بإزاء المركّب من مداليلها لدلّ كلّ جملة خبريّة بحسب وضعها على الإخبار بوقوع مدلولها مرّتين تارة تفصيلا كما ذكرناه ، وأخرى إجمالا لما ذكروه ، وعلى قياسها الجمل الإنشائية وغيرها ، وهذا ممّا لا يلتزم به ذو مسكة ».
« نعم لو قيل بأنّ الهيئة التركيبية أو ما يقوم مقامها موضوعة لمجرّد النسبة والربط والمجموع المركّب موضوع لإفادة مطابقتها للواقع لم يلزم منه المحذوران لكنه مع فساده في نفسه بشهادة الوجدان على خلافه ، ومخالفته لظاهر كلماتهم بل صريحها ، غير مجد في المقام إذ لم يقصدوا بالتجوّز في المركّب التجوّز في مثل هذا المعنى » (١).
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٢٧ ـ ٢٨.