على اتّصاف زيد بالقيام ، وليس هناك شيء آخر كي يدلّ على معنى آخر ويستعمل فيه.
وعليه فقس المثال الّذي ذكره ، وسائر أمثلة الباب ، كقولهم : يد تجرح ويد تأسو (١).
ومن المحال أن تدلّ هاتان الجملتان على غير ما تدلّ عليه مفرداتها.
وأعجب من ذلك قوله ـ بعد عدة سطور ـ : « بل التحقيق أنّ مفردات المجاز المركّب غير مستعملة في شيء من معانيها الحقيقة ولا المجازية ، وإنما المستعمل هو المجموع » (٢).
ولازم ذلك ـ فيما أرى ـ أن تلغو الجملة رأسا ، ولا يكون لها معنى أصلا ، لأن المعنى فرع الاستعمال ، والاستعمال فرع الوضع ـ كما عرفت ـ والمفردات التي لها وضع لا استعمال لها ، والمستعمل أعني المركّب لا وضع له ، فالمستعمل غير موضوع ، والموضوع غير مستعمل.
ولو سلّم ما تقدم من قوله : « إنه يكفي في وضع المركب وضع مفرداته » فلا يكفي في إفادة المعنى مع عدم استعمال مفرداته كما يظهر بالتأمل.
وقال ـ طاب ثراه ـ في بحث الكناية : « إنه ليس شيء من مفرداته مستعملا حينئذ ، وإنما لوحظ معانيها واستعمل المجموع » (٣).
وظاهر أنّ مجرّد اللحاظ لا يكفي في إفادة المعنى ما لم يقصد به إفهام المخاطب ، ومع هذا القصد يتحقق الاستعمال.
وبالجملة لا بدّ ـ إذن ـ من الالتزام باستعمالها إمّا في معانيها الحقيقة كما
__________________
(١) آسى الجرح : داواه. ( منه ).
(٢) الفصول الغرويّة : ٢٨.
(٣) الفصول الغرويّة : ٢٨.