اللهم إلاّ في ألفاظ نبويّة قد وردت من طرقهم ، وعلم نقلهم لها بألفاظها.
إذا عرفت ذلك كلّه ، فاعلم أنهم قد اختلفوا في استعمال الشارع لهذه الألفاظ ، فقال قوم : إنه استعمال حقيقي لأنه وضعه لهذه المعاني ، وقال آخرون : إنه مجاز ، وفصّل آخر بين ألفاظ العبادات والمعاملات ، فأثبتها في العبادات ، ونفاها في المعاملات.
ونقل عن الباقلاني إنكار استعماله في غير معانيها اللغوية ، وأنّ الزيادات شروط للصحة أو القبول (١).
ورماه القوم بالضعف والوهن بقوس واحدة ، وليس عندي بذلك البعد ، بل هو الحقّ في الجملة (٢) لما ستعرف.
والواجب أولا ، معرفة ما لهذه الألفاظ المتداولة بين الفقهاء من الأقسام ليظهر الحال في كلّ منها ، إذ منها ما نعلم بأنها اصطلاحات علميّة لم تحدث إلاّ بعد تدوين علم الفقه ، وذلك بعد عصره صلّى الله عليه وآله بل وعصر التابعين ، كلفظ طبقات الإرث ومناسخاته ، فما كان من هذا القبيل فسبيله سبيل سائر الاصطلاحات المتداولة في سائر العلوم ، وهو عن هذا النزاع بمراحل (٣).
ومنها ألفاظ لمعان معروفة يعلم استعمال الشارع لها ، ولكن لا على سبيل النقل والوضع ، بل على سبيل متابعة اللغة وإن جعل لها حدودا وزادها موانع وشروطا ، وهذا لا يلزم وضعا جديدا ، كما يظهر بالتأمل ، وذلك كالنكاح ، والطلاق ، والظهار ، والعتق ، وهذا القسم كثير جدّاً ، بل منه ـ فيما أرى ـ الشطر الأكثر ،
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٤٣ ، هداية المسترشدين : ٩٤.
(٢) في بعض الأقسام الآتية. ( مجد الدين ).
(٣) أي بعيد عن محل النزاع بمسافة كثيرة ، إذ الكلام في الألفاظ الواردة في كلام الشارع ، لا الألفاظ والمعاني التي حدثت بعده صلّى الله عليه وآله ، بل بعد عصر التابعين ، وحاصله : أنّ النزاع في الحقيقة الشرعية لا المتشرعة. ( مجد الدين )